بازگشت

الحسين ينعي نفسه لاخته


لزينب [1] - اخت الحسين- شان مهم و دور كبير النطاق في قضيه الحسين (ع) و في نساء العرب نوادر امثالها ممن قمن في مساعده الرجال و شاركنهم في تاريخهم المجيد،و قد صحبت زينب اخاها في سفره الخطير صحبته من تقصد ان تشاطره في خدمه الدين و ترويج امره، فكانت تدير بيمناها ضيافه الرجال و باليسري حوائج الاطفال، و ذاك بنشاط لا يوصف.

و المراه قد تقوم باعمال يعجز عنها الرجل و لكن ما دام منها القلب في ارتياح


و نشاط، اما لو تصدع قلبها او جرحت منها العواطف فتراها زجاجه او ارق و كسرها لا يجبر، و لذلك اوصي بهن النبي (ص) اذ قال: «ارفق بالقوارير» فجعلهن كزجاج القوارير تحتاج الي لطف المداراه.

فكانت ابنه علي (ع) قائمه بمهمات رحل الحسين و اهله غير مباليه بما هنالك من ضائقه عدو او حصار او عطش، اذ كانت تنظر في وجه الحسين (ع) تراه هشا بشا فتزداد به املا- و كلما ازداد الاسنان املا ازداد نشاطا و عملا، و ان في بشاشه وجه الرئيس اثرا كبيرا في قوه آمال الاتباع و نشاط اعصابهم- غير ان زينب باغتت اخاها الحسين (ع) في خبائه ليله مقتله فوجدته يصقل سيفا له و يقول:



يا دهر اف لك من خليل

كم لك بالاشراق و الاصيل



من صاحب او طالب قتيل

و الامر في ذاك الي الجليل



و المعني: يا دهر كم لك من صاحب قتيل في ممر الاشراق و الاصيل، فاف لك من خليل.

ذعرت زينب عند تمثل اخيها بهذه الابيات، و عرفت ان اخاها قد يئس من الحياه و من الصلح مع الاعداء، و انه قتيل لا محاله و اذا قتل فمن يكون لها؟ و العيال و الصبيه في عراء و غربه، و الد الاعداء محيط بهم و متربص لهم الدوائر. لهذه و لتلك صرخت اخت الحسين (ع)نادبه اخاها، و تمثل لديها ما يجري عليها و علي اهله و رحله بعد قتله و قالت: «اليوم مات جدي و ابي و امي و اخي». ثم خرجت مغشيه عليها اذ غابت عن نفسها و لم تعد تملك اختيارها، فاخذ اخوها الحسين (ع) راسها في حجره و سقط علي وجهها من مدامعه حتي افاقت و سعد بصرها بنظره من شقيقها الحسين، و اخذ يسليها- و بعض التسليه توريه- فقال: «يا اختاه ان اهل الارض يموتون، و اهل السماء لا يبقون، فلا يبقي الا وجهه، و قد مات جدي و ابي و امي و اخي و هم خير مني، فلا يذهبن بحلمك الشيطان» و لم يزل بها حتي اسكن بروحه روعها و نشف بطيب حديثه دمعها.

و لكن في المقام سر مكتوم: فان زينبا- تلك التي لم تستطع ان تسمع اشاره من نعي اخيها و هو حي- كيف تجلدت في مذبح اخيها و اهلها بمشهد منها،


و رات راسه و رووسهم مرفوعه علي القنا و تلعب بها الصبيان، و ينكت ابن زياد و يزيد ثبايا اخيها بين الماء بالقضيب، الي غير ذلك من مصائب لا تطيق رويتها الاجانب فضلا عن انس الاقارب.

فليت شعري! ما الذي حول ذلك القلب الرقيق الي قلب اصلد و اصلب من الصخر الاصم؟ نعم! كانت شقيقه الحسين (ع) اخته بتمام معاني الكلمه، فلا غرو ان شاطرت سيده الطف زينب اخاها الحسين (ع) في الكوارث و آلام الحوادث، فقد شاطرته في شرف الابوين و مواريث الوالدين خلقا و خلقا و منطقا.

و عليه فانها علي رقه عواطفها و سرعه تاثرها تمكنت من تبديل حالتها، و الاستيلاء علي نفسها بنفسها، من حين ما اوحي اليها الحسين (ع) باسرار نهضته و آثار حركته و انه لا بد ان يتحمل اعباء الشهاده و ما يتبعها من مصائب و مصاعب في سبيل نصره المله و احياء شريعه جده و شعائر مجده- لكنه سيار بطوي السري الي حد مصرعه في كربلاء- ثم لا بد و ان تنوب هي عن اخيها عن انجاز مهمته و ابلاغ حجته في تحمل الخطوب و القاء الخطب و مكايده الالام من كربلاء الي الكوفه ثم الي الشام قائمه بوظيفته، محافظه علي اسرار نهضته، ناشره لدعوته في كل اين و ان، منتهزه سوانح الفرص، و هو معها اينما كانت يباريها لكنه- علي عواي الرماح خطيبا بلسان الحال كما هي الخطيبه بالسان المقال.



پاورقي

[1] لاميرالمومنين (ص) بنتان بهذا الاسم و بکنيه ام‏کلثوم، و الکبري هي سيده الطف. و کان ابن عباس بنوه عنها بعقيله بني‏هاشم. و ولدتها الزهراء بعد شقيقها الحسين بسنتين، و تزوجها عبدالله بن عمها جعفر بعد وفاه اختها في خلافه عثمان او معاويه، و کانت قطب دائره العيال في الخيم الحسيني.و قد افرغ لسان الملک ترجمتها في مجلد بها من موسوعته «ناسخ التواريخ».

و جاء في الخيرات الحسان و غيره: ان مجاعه اصابت المدنيه فرحل عنها باهله عبدالله بن جعفر الي الشالم في ضيعه له هناک، و قد خمت زوحته زينب منو عثاء السفر او ذکريات احزان و اشجان من عهد سبي يزيد لال الرسول (ص) ثم توفيت علي اثرها في نصف رجب سنه 65 ه و دفنت هنالک حيث المزار المشهور.

و قال جماعه ان هذا لزينب الصغري- کما هو مرسوم علي. صخره القبر-. ان الکبري توفيت بمصر و دفنت عند قناطر السباع حيث المزار المشهور بالقاهره.».