بازگشت

اهتمام الامام بالموعظه و النصيحه


سيره الحسين (ع) سلسله ادله علي حسن ظنه بالناس، و ان نفسه كانت مفعمه بآمال الخير فيهم لو لا استقباله المزعجات في نواحي الكوفه و شواهد التحول في حاله البذو و الحضر لادني طمع، حتي افشي من صميم الحقيقه سرها في كلمته الخالده: «الناس عبيد الدنيا، و الدين لعق علي السنتهم، يحوطونه ما درت به معايشهم: فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون» لكنما المعهود من رسل الاصلاح و ائمه الهدايه اقامه الحج علي الهمج و السذج «ليهلك من هلك عن بينه و يحيا من حي عن بينه» و لئلا تبقي للعصاه عصاه. فلم يزل حسين الهدايه يبذل قصاري الجهد في تنوير افكارهم بالاحتجاجات و اقامه المظاهرات، و يستفرغ و سعه في انذارهم و و اخطارهم بالرسل و الخطب، في حين ان جمهور خصومه كانوا من سفله البشر وعبده الطاغوت- اولئك الذي لا يقيمون للحق و زنا و لا يرون لغير المال و القوه شانا- و عليه قام حسين الايمان بمظاهره باهره بعد الياس من سماح القوم له بالرجوع، فلبس عمامه رسول الله (ص) و رداءه و تقلد بسيف جده النبي و ركب ناقته او فرسه المعروفه و خرج الي العدو و بهيئه جده النبي (ع)و زيه، و قد كان هو في ملامحه شبيه جده و كانت هذه الهيئه وحدها كافيه لاعلان حقه في خلافه جده دون طاغيه الشام لو كانوا يعقلون، فعرف شياطين القوم ان هذه المظاهره تعود


علي الحسين (ع) بفائده، لا سيما لو وجد بحالا للالكام و ذكر الامعين بآيات من وحي جده، فولولوا بلغظ و ضجيج ليضيعوا علي السامعين كلام الله من فم ولي الله بهيئه نبي الله و هو ابن بنت رسول الله (ص).

غير ان حسين انجد لم يضيع فرصته فاسنتصتهم فابوا ان ينصتوا له لجاجا و عنادا، فنادي فيهم، «ايها الناس اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتي اعظكم بواحده و حتي اعذر اليكم، فان اعطيتموني النصف كنتم بذلك سعداء و الا فاجمعوا رايكم ثم لا يكن امركم عليكم فمه ثم اقضوا الي و لا تنظرون، ان وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولي الصالحين».

فلما ساد الصمت و هدا الضجيج خطبهم، فحمد الله و اثني عليه و نعت النبي فصلي عيه، فلم يسمع ابلغ منطقا منه ثم قال:

«اما بعد، فانسبوني من انا؟ ثم راجعوا انفسكم و عاتبوها فانظروا هل يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي/ الست ابن بنت نبيكم/ و ابن وصيه و ابن عمه، و اول المومنين المصدق لرسول الله (ص) و بما جاء من عند ربه؟ او ليس حمزه سيد الشهداء عمي؟ او ليس جعفر الطيار في الجنه بجناحين عمي؟ او لم يبلغكم ما قال رسول الله (ص) لي و لاخي: «هذان سيدا شباب اهل الجنه» فان صدقتموني فيما اقول و هو الحق و الله ما تعمدت الكذب منذ علمت ان الله يمقت اهله، و ان كذبتموني فان فيكم من ان سالتموه عن ذلك اخبركم، سلوا جابر بن عبدالله الانصاري، و اباسعيد الخدري، و سهل الساعدي، و زيد بن ارقم، و انس بن مالك يخبروكم انهم سمعوا هذه المقاله من رسول الله (ص) اما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ الي ان قال: فان كنتم في شك من ذلك او تشكون في اني ابن بنت نبيكم فوالله لا يوجد بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري، و يحكم اتطلبوني بقتيل منكم قتلته او مال لكم استهلكه؟» ثم نادي: «يا شبث بن ربعي و يا حجار بن ابجر و يا قيس بن الاشعث و يا يزيد بن الحارث و يا عمرو بن الحجاج الم تكتبوا الي ان: «قد اينعت الثمار و اخضرت الجناب و انما تقدم علي جند لك مجند..» الخ.


لقد اسمعهم شبل علي (ع) خطابا قويم اللهجه قوي الحجه- لو كان ثمه منصف- لكنما القوم لم يقابلوه الا بكلمه جامده: «انا لا ندري ما تقول! انزل علي حكم بني عمك و الا فلسنا تاركيك» كلمه مره طليت بالقحه و تبطنت بالعجرقه و الانحراف نحو الزور و الغرور، فاجابهم حسين العلاء: «لا و الله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل، و لا اقر لكم اقرار العبيد، يابي الله ذلك لنا و رسوله (ص) و حجور طابت و طهرت، فلا توثر طاعه اللئام علي مصارع الكرام» لكنما المظاهره باحتجاجه لم تذهب سدي و عبثا فبما مد الظلام رواقه حتي انجذب الي الحسين (ع) عديد من فرسالن ابن سعد من ذوي المروءه و الفتوه ثائبين عند المخيم الحسيني.