بازگشت

عطاشي الحرب في الشريعه


لا يبرح البشر من احترام بعض الاداب في المحاربات مهما كان المحاربون و حوشا و كفره- كاجتنابهم قتل النساء و الابرياء و منع الماء و الطعام عنهما- و اصبحت حكومات اليوم تراعي هذه الاصول بعين الاحترام و تعد ارتكاب هذه الظالم من اقبح الجرائم، و قد نهي شرع الاسلام كبقيه الشرائع حصار الابرياء و التعرض بالنساء و منع الماء و الطعام عنهما او عن المرضي و الاسري و الاطفال، لانهم برآء مما قامت به رجالهم المحاربون، و قد منعت الشريعه العاطفه ذبح الحيوان عطشانا.

اما الحزب السفياني فقد ارتكب كل هذه المظالم و الجرائم حنقا علي حسين الفضيله و آله.

و لا ننسي ما حدث يوم الدار يوم ثار المهاجرون و الانصار فحاصروا الخليفه عثمان بن عفان و طالبوه ان يسلم اليهم ابن عمه (مروان) فاستغاث بعلي (ع) و شكا اليه العطش و غير العطش- و علي يومئذ قد اغلق بابه و لازم حياده- فارسل اليه مع ذلك و لديه الحسن و الحسين (ع) و مولاه قنبرا يحملون الماء و هو محصور، و يحامون عنه و عن بيته الجمهور، و تحملوا في سبيله الجروح و الحرائج. غير ان محمد ابن ابي نسور هو و من معه من وراء البيت و كان منهم ما كان.


اما معاويه الدهاء فقد شيع الامر في اهل الشام بالعكس مما كان بغرض بعثهم الي حرب اميرالمومنين، فنشر بينهم ان عثمان قتل عطشانا و ان عليا منع الماء عنه، لذلك سبق عليا في صفين الي استملاك المشرعه و منع اهل العراق من وردها،اما علي (ع) فارسل من ابطال العراق من فتحوها ثم تركها مباحه للجانبين، فابت نفسه الكريمه ان يقابلهم بالسوء قائلا: «كلا! لست امنع عنهم ماء احله الله عليهم» فجدد ابن زياد هذه البدعه و امر بمنع الماء عن الحسين و من معه، و روج اكذوبته فكتب الي ابن سعد: «حل بين الحسين و اصحابه و بين الماء، فلا يذوقوا منه قطره كما فعل بالتقي الزكي عثمان» الخ مع ان الحسين (ع) هو الذي حمل الماء الي عثمان يوم الدار و عاني في سبيله المشاق، و حاشا حسين الفضيله و علي الفتوه ان يرتكبا منع الماء علي ذي نفس، و لو فرض الامر كذلك فعلي م توخذ عشرات النساء و لفيف من الصبيه و الاطفال المرضي بذلك فيحرمون من الماء المباح؟ كلا! فالاسلاميه برئيه و الانسانيه ناقعه من هذ المظلمه الفاحشه.

ترك ابن زياد ساقي الكوثر ممنوعا من الماء المباح ثلاثه ايام- هو و صحبه و آله و عشرات من نسوته و صبيته- يعانون هم و خيلهم العطش في شهر آب اللهاب بعراء لا ماء فيه و لا كلا، و الخيل تصهل طالبه الماء، و النسبوه تعج لحاجتها الي الماء، و الطبيه تضج و تنتظر الماء، و الرضيع يصرخ اذ جفت مراضعه، و الماء يلمح جاريا باعينهم و المانعون ينتحلون الاسلام. و كل هاتيك المظالم القاسيه من اجل ان الحسين (ع) لم يضع يده في ايدي الظالمين علي محو كتاب نبيه (ص). و قد كان لسان الحال من حسين العلاء: «ان في وسعكم- ايها الاعداء - ان تضيقوا علي الفضاء الوسيع، و ليس في وسعكم ان تضيقوا حدود مبدئي العالي و مقصدي العام، و كذا في وسعكم ان تقضوا علي حياتي و علي صحبي و علي صبيتي و لكن ليس في وسعكم قط ان تقضوا علي قضيتي و لا علي دعوتي و لا علي فكرتي ما دمت حبا و ما دام المسلمون احياء».