بازگشت

الامام مصدود محصور


حل حرم الحسين «ع» حدود كربلاء في ثاني محرم سنه 61 ه، و انزل في بقعه منها جرداء بعيده عن الماو و كلاء و صار معكسره زاويه مثلث يقابله جيش الحر في الغاضريان و جيش ابن سعد في نينوي. و كان الحر يري مهمته المراقبه علي مسير الحسين «ع» فقط غير مهتم في اخضاعه و لا في اقناعه و لا في ارجاعه، حتي و افاه عمر بن سعد مهمتما في اقناعه و اخضاعه، فصار هو و الحسين «ع» يتبادلان الراي و الرسل ابتغاء الوصول الي حل مرضي.

و كلف ابن سعد من بين حاشيته رجالا لمواجهه الامام فابوا معتذرين انهم ممن كتبوا اليه يدعونه، فعم يستاءلون؟ فارسل ابن سعد الي ابن الرسول «ص» رسوله الحنظلي، فجاء الي الامام و ساله علي لسان اميره عن موقفه و مسيره فاجابه الحسين: «قد كتب الي اهل مصركم يدعونني اليهم، اما اذا كرهتم ذلك فانا انصرف عنكم».

قال حبيب بن مظاهر للرسول- و هو من اخواله-: «و يحك يا قره اين ترجع الي القوم الظالمين؟ انصر هذا الرجل الذي بابائه ايدك الله بالكرامه»

فقال له الحنظلي: «ارع الي صاحبي بجواب رسالته و اري رايي»

ثم انصرف الي عمر بن صعد و اخبره الخبر، فقال عمر: «ارجو ان يعافيني الله


من حربه و قتاله» ثم كتب الي ابن زياد ما جري بينه و بين الحسين «ع» و ان الامام مستعد للانصارف عن العراق و عن كل امل فيه.

قال حسان العبسي: كنت عند ابن زياد حينما جاءه هذا الكتاب و قراه فقال:



الان اذ علقت مخالبنا به

يرجو النجاه ولات حين مناص [1] .



ثم اجتمع الحسين «ع» بعمر بن سعد تحريا منه للسلم و احتراما للدماء فتناجيا طويلا فكتب هذا الي ابن زياد:

«اما بعد، فان الله قد اطفا النائره، و جمع الكلمه، و اصلح امر الامه، هذا حسين قد اعطاني عهدا ان يرجع الي المكان الذي اتي منه او يسير الي ثغر من الثغور، فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم».

و لما تلاه ابن زياد قال: «هذا كتاب ناصح مشفق علي قومه» يعني علي قريش، فقام شمر بن ذي الجوشن قائلا: «اتقبل هذا منه و قد نزل بارضك؟ و الله لئن رحل من بلادك و لم يضع يده في يدك ليكونن، اولي بالقوه و لتكونن اولي بالضعف و العجز، فلا تعطه هذه المنزله، فانها من الوهن، و لكن لينزل علي حكمك هو و اصحابه، فان عاقبت فانت اولي بالعقوبه و ان عفوت كان ذلك لك». فلما راي ابن زياد في شمر التجاء الي قوته و تخزبا لحومته و استخفافا بعدوه الحسين و عصبته قال له: «نعم ما رايت و الراي رايك، اخرج بكتابي الي ابن سعد فان اعطاني فاطعه و الا فانت امير الجيش و اضرب عنقه». و كتب الي عمر كتابا يقول فيه: «اني لم ابعثك الي الحسين شفيعا، و لا لتمنيه السلامه، و لا لتعتذر عنه، فان نزل هو و اصحابه علي حكمي فابعث بهم الي و الا فازحف عليهم و اقتلهم و مثل بهم، فانهم بذلك مستحقون، و ان قتلت حسينا فاوطي ء الخيل صدره و ظهره، فانه علق ظلوم، و لست اري ان هذا يضر بعد الموت شيئا و لكن علي قول قد قلته».


جاء شعر بكتابه الي ابن سعد- و الرجل السوء ياتي بالخبر السوء- فلما قرا ابن سعد كتاب اميره و تلقي اسوا التعاليم من نذيره تغير وجهه و قال: «لعنك الله يا شمر، لقد افسدت علينا امرا كنا نرجو اصلاحه» لكنما ابن سعد بعد ما حسب شمرا رقيبا عليه و مهددا له تجاهر اذ ذاك بلزوم اخضاع حسين العلاء، فتبدلت منه لهجته و فكرته و هيئته، فانتقل بجنوده الي مقربه من الحسين «ع» و ثلث جبهات الحرب فصار هو في القلب بين الحيره و النهر لصد الحسين من عبور النهر و من الورود منه، فاذا وجد الحسين «ع» سبل سيره مقطوعه و مشارع وروده ممنوعه اضطر الي النزال معهم او النزول علي حكمهم و هم واثقون من الغلبه عليه في الحالين.

و لما راي الامام ذلك علم انه مقتول لا محاله اذ هو نازل بالعراء في منطقه جرداء لا ماء فيها و لا كلاء، فان انتظر قدوم الانصار من اقاصي الامصار هلكت صبيته و ما شيته و تفرقت حاشيته، و لقي من الجوع و العزش اشد مما يلقاه عدوه، و ان خضع للقوم و بايع اميه فقد باع الامه و الشريعه بعد ما انعقدت فيه الامال، و ان بدا بحربهم خالف خطته الدفاعيه حين لا مامل في الانتصار عليهم في ظاهر الحال- و الحر ان لم يستطع ان يعيش عزيزا فاحري به ان يموت كريما..



پاورقي

[1] و في الارشاد کتب الي ابن سعد «اما بعد فقد بلغني کتابک و فهمت ما ذکرت فاعرض علي الحسين ان يبايع ليزيد هو و جميع اصحابه فاذا هو فعل ذلک راينا و السلام» فلما ورد الجواب علي ابن سعد قال قد خشيت ان لا يقبل ابن زياد العافيه و ورد کتاب ابن زياد في الاثر الي ابن سعد «ان تحل بين الحسين (ع) و اصحابه و بين الماء فلا يذوقوا منه قطره کما صنع بالتقي الزکي عثمان بن عفان.».