بازگشت

حاله الحسين بعد مقتل مسلم


روي عبدالله بن سليمان و المنذر بن المشعل الاسديان قالا:

لما قضينا حجنا لم تكن لنا همه الا اللحاق بالحسين «ع» في الطريق، للنظر ما يكون من امره، فاقبلنا ترفل بنا ناقتانا مسرعين حتي لحقناه بزرود، فلما دنونا منه اذا نحن برجل من اهل الكوفه قد عدل عن الطريق حين راي الحسين، فوقف الحسين «ع» كانه يريده، ثم تركه و مضي. فقال احدنا لصاحبه: «اذهب بنا الي هذا لنساله، فان عنده خبر الكوفه» فمضينا حيت انتهينا اليه فقلنا: «السلام عليك» فقال: «و عليكم السلام» قلنا «من الرجل»؟ قال: «اسدي». قلنا له: «و نحن اسديان، فمن انت؟» قال: انا بكر بن فلان» و انتسب و انتسبنا ثم قلنا له «اخبرنا عن الناس وراءك» قال:

«نعم له اخرج من الكوفه حتي قتل مسلم بن عقيل و هاني ء بن عروه، و رايتهما يجران من ارجلهما في السوق»

فاقبلنا حتي لحقنا «الحسين فسايرناه حتي نزل الثعلبيه ممسيا فجئناه حين نزل،فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقلنا له: «رحمك الله ان عندنا خبرا ان شئت حدثناك علانيه و ان شئت سرا». فنظر الينا و الي اصحابه ثم قل: «ما دون هولاء سر» فقلنا له: «رايت الراكب الذي استقبلته عشيه امس؟» قال: «نعم،


و قد اردت مسالته». فقلنا: «قد و الله استبر انا لك خبره و كفيناك مسالته، و هو امرو منا ذو راي و صدق و عقل، و انه حدثنا انه لم يخرج من الكوفه حتي قتل مسلم و هاني ء، و رآهما يجران في السوق بارجلهما». فقال: «انا لله و انا اليه راجعون، رحمه الله عليهما» يردد ذلك مرارا. فقلنا له: «ننشدك الله في نفسك و اهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا، فانه ليس لك بالكوفه ناصر و لا شيعه، بل نتخوف ان تكون عليك».

فنظر الي بني عقيل فقال: «ما ترون؟ فقد قتل مسلم» فقالوا: «و الله لا نرجع حتي نصيب ثارنا او نذوق ما ذاق» فاقبل علينا الحسين «ع» و قال: «لا خير في العيش بعد هولاء» فعلمنا انه قد عزم رايه علي المسير. [1] .

سمع الحسين «ع» حوالي «زرود» نعي عميد بيته و لكنه لم يتحول عن نيته، و لا غير وضيعته مع صحبه و اهله، و لا ابدي من مظاهر الحزن سوي الاسترجاع، و اخفي كل حزنه في اعماق قلبه، لان العيون لدي الشدائد شاخصه الي الزعيم، فان بدا عليه لا ئحه حزن عم الغم احباءه، و توهم كل منهم ماشاءالله ان يتوهم، و ارتبك علي الزعيم امر نظمه و حكمه. غير ان حسينا دخل خباه و طلب طفله مسلم و اجلسها في حجره يمسح علي راسها بيده يسلي بها نفسه و يسليها بذلك.

نعم! حس الجميع و في مقدمتهم الحسين «ع» بالانكسار النهائي بعد ما جري علي مسلم و تبدل حاله الكوفه. و كانت آمال الحسين معقوده علي الكوفه و قد انقلبت و هي عليه و قتلت معتمد الحسين فبما معني التوجه اليها؟ و اي اعتماد بقي عليها؟ لكن ثبات الحسين علي سيرته و مسراه ضرب علي هذه الاوهام و صانها من التفرق.

و شبل علي «ع» يري في توجهه الي الكوفه- بعد كل ذلك- ابلاغ الحجه، و الاعلام بانه اجاب دعوتهم و لبي صرختهم، و انه لم ينحرف عن نصرته و قتلهم مبعوثه مع شيعته- فان الامام يعامل الامه دون الاشخاص و الشخصيات، و هو


يامل مع ذلك في مسلكه التحاق الانصار، و تلبيه الامصار، و انقلاب حاله الكوفه كره اخري.

و لما شاع نعي مسلم في ركب الحسين «ع» و انقلاب الكوفه ضده بعد ان كانت الطمع الوحيد لتحقيق آمال اهله و صحبه، لا سيما بعد ما خطب فيهم الامام و حل عنهم البيعه و الذمام صار كثير من ذوي الطمع و ذباب المجتمع يتفرقون عنه سرا و جهارا ليلا و نهارا، و سلموا و لي نعمتهم حين الوثبه، و خذلوه عند النكبه، بعد ما كانوا يضيقون فسيح خوانه حتي علي اخوانه.

لا ضير! فان خف رحل الحسين «ع» من القش و ذوي الغش فقد ملا فراغهم ابطال صدق ممن عشقوا الحسين «ع» فالتحقوا به لا خوفا من رجاله و لا طمعا في ماله، بل وجدوا من اختار نفسه و نفيسه فداء للاسلام ففدوه بكل ما عز و هان.



پاورقي

[1] الارشاد ص 201 و غيره.