بازگشت

نظره في هجره الحسين


يصف الواصفون لتاريخ الحسين «ع» اشد ليالي حياته عليه ليله مقتله في الطف، تلك الليله التي حوصر فيها هو و ذووه في بقعه جرداء و ضاقت عليه الارض بما رحبت، و منع حتي من شرب الماء المباح فلم تهجع عيناه حتي الصباح و لا يبعد ان يكون اشد ليالي الحسين ليله مرجعه من مجلس الوالي في المدينه و حيرته ي سيرته مع القوم الظالمين، اذ كان الحسين «ع» ليله مقتله علي بصيره من امره، و ان ليس بينه و بين الجنه سوي سويعات لكنما الحسين «ع» في ليله هجرته من مدينه جده كان في جهاد فكري و الم عقلي يفكر في متابعته ليزيد و كونها ضربا من المحلا، ثم يفكر في بقائه في حرم جده، لكن ذلك استسلام لمروان فيما يفعل به و باسرته من قتله المستلزم لقتال رجاله و ذبح اطفاله و نهب امواله و ارسال بناته مع راسه الي يزيد.

كان مروان ممن يفعل ذلك و يزيد عليه تشفيا لنفسه و انتقاما لاميه و تزلقا ليزيد. و لم يكن ابن مرجانه باوتر منه و لا اشقي، اذن فبماذا يصنع الحسين «ع»؟ الا ان يهاجر الي مكه ابتغاء الابتعاد من المنطقه المروانيه، و لقاء وجوه المسلمين في الحج، و انتظار الفرج، ولكن كيف يهاجر باسرته الوفيره العدد بلاد عدد؟ و الهجره بالاهل ليس بالسهل، لا سيما في مسالك و عره غامضه الحال مبهمه الاستقبال. و في


النهايه اختار الحسين «ع» هذا الراي الاخير علي حراجته، و اوحي بذلك الي اخوانه و رجال اسرته و هم يلبونه فيما يرغب مهما كانوا كارهين مع التاهب لما يجب كما يجب الا محمد بن الحنفيه فانه سال اخاه البقاء في حرم جده بين انصاره، فاجابه الحسين «ع» بمبلغ عداوه يزيد معه و سوء نيته فيه و عف ثقته في ناصريه.

فقال ابن الحنفيه: «ان كان و لا بد من ذلك فبما معني حملك السوه و الذريه؟» فلم يجد الحسين «ع» مقنعا لاخيه الا ان يقول له انه من فرط الحب المتبادل بينه و بينهن لا يستطيع فراقهن كما لا يرضين بفراقه، و لو جري عليهن ماشاءالله ان يجري. فقال ابن الحنفيه: «انك يا اخي احب الناس الي و اعزهم علي، و لست ادخر النصيحه لغيرك، تنح ببيعتك عن يزيد، ثم ابعث رسلك الي الناس، فان بايعوك حمدت الله و ان اجتمعوا علي غيرك لم ينقص دينك و لا فضلك و لم تذهب به مروتك» قال الحسين «ع»: «فاين اذهب يا اخي؟ قال: «انزل مكه فان اطمانت بك الدار فيها و الا لحقت بالرمال و الجبال، و من بلد الي بلد حتي تنظر ما يصير اليه الناس فلتكون اصوب رايا» فجزاه الحسين خيرا.

و قد استيقاه اخوه لضروره وجود من يعتمد عيه في مركزه عمادا للبيت و محافظا لودايع اهله كما استبقي علي مثل ذلك ابن عمه عبدالله بن جعفر الطيار.

و كان عبدالله بن جعفر ختن الحسين علي اخته و شقيقته زينب العقليه بنت علي «ع». و لما علم عبدالله بتوجه الحسين من مكه نحو العراق، الحقه بولديه عون و محمد [1] و كتب علي ايديهما اليه كتابا يقول فيه: «اما بعد، فاني اسالك بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابي، فاني مشفق عليك من الوجه الذي توجهت له ان يكون فيه هلاكك و استيصال اهل بيتك، و ان هلكت اليوم طفي نور الارض، فانك علم المهتدين و رجاء المومنين، فلا تعجل بالمسير فاني في اثر كتابي و السلام».


و سار عبدالله الي عمور بن سعيد فساله ان يكتب للحسين «ع» امانا و يمنيه ليرجع عن وجهه. فكتب اليه عمرو بن سعيد و لحقه يحيي بن سعيد و عبدالله بن جعفر بعد نفوذ ابنيه و دفعا اليه الكتاب و جهدا به في الرجوع فقال: «اني رايت رسول الله «ص» في المنام و امرني بما انا ماض له» فقالا: «فما تلك الرويا؟» قال: «ما حدثت احدا بها و لا انا محدث حتي القي ربي عز و جل» فلما آيس منه عبدالله بن جعفر امر ابنيه عونا و محمدا بملازمه الحسين و المسي معه و الجهاد دونه.

لقد فشل ابن سعيد- و الي الحجاز بعد الوليد- في تدابيره لاقناع الحسين بالروجوع الي مكه كي يحصره فيها و في منطقه نفوذه، و قنع عبدالله بن جعفر الطيار عن الامام باجازه بقائه في وطنه و قنع الحسين عليه السلام منه بارسال شبابيه الباسلين، و قد كانا ناصريه بالنفس و النفيس و كانت امهما زينب نصيرته في نهضته، و خليفته علي صبيته، و سلوته من كل احزانه، و مديره امر عياله و بيوت اصحابه و رجاله، و لولاها لا نفرط عقد يتماه بعد قتله، و لولاها لانتشر نظام اهله بعد انتهاب رجله، ولولاها لقضي علي خلفه العليل و انقرض نسله الاصيل.



پاورقي

[1] في مقائل الطالبين: «ان عون بن عبدالله بن جعفر امه زينب العقيله الي ان قال: و العقيله هي التي روي ابن عباس عنها کلام فاطمه (ع) في فدک فقال: «حدثني زينب بنت علي» اما ام‏محمد فهي الخوصاء.