بازگشت

مبادي قضيه الحسين


كان الذي دونوا قضيه الحسين «ع» اخذوا سلسلتها من اوساطها، اي من حين البيعه ليزيد. في حين ان القضيه- كما سبق- تبتدي ء من عهد ابي سفيان و محمد «ص»- ان لم نقل من قبل و من عهد هاشم [1] و عبد شمس- فان اباسفيان جد يزيد اذ راي محمد جد الحسين قد نهض في مكه سنه 610 م يدعو العرب الي توحيد المعبود و الاتحاد في طاعته، حسب انه سيهدم مجد عبد شمس و رئاستهم و يبني لبني هاشم [2] . بيت مجد مرصوص الاساس و يعم ظله الوارف عامه الناس. فاندفع بكل قواه الي معارضته ففعل ما فعل في مقاومه النبي «ص» و اهانته، و تفريق اعوانه، و تحشيد الجموع لمحاربته حتي كان في ايام بدر واحد


و الاحزاب و هما مثالان للحق و الباطل، و امر محمد «ص» يقوي انتشاره و مناره حتي رمي حزب ابي سفيان آخر نبله من كنانته و لم يفلح «يريدون ليطفوا نور الله بافواههم ولكن الله متم نوره و لو كره الكافرون»،

و ذلك ان الله سبحانه فتح لنبيه مكه فتحا مبينا، و نصره علي قريش نصرا عزيزا. انتهت الحركه السفيانيه، ولكن في الظاهر.

اما الحزب الخاسر المنكسر فقد كان يعمل ليلا و نهارا في تلافي خسرانه و ارجاع سلطانه، و لكن تحت الستار و باخفي من دبيب النمل علي الصفا، برسم الخطه للقيام بحركه و سيعه الدائره حتي اذا قضي النبي «ص» نحبه تنفس و انتهز الفرصه لاستعاده مجده.

اجل! لقي محمد «ص» ربه و ابوسفيان حي يسمع الناعيه عليه، و لكن لا يسعه اظهار شي ء و كان العباس عم النبي «ص» يعرف من امره شيئا اذ كان صديقه الحميم في الجاهليه و الاسلام، فاشار علي (عليه السلام) ابن اخيه ابي طالب-و هو يغسل جنازه النبي «ص»- قائلا له: «يا علي مد يدك لا بايعك حتي يقول الناس: عم رسول الله بايع ابن عمه، فلا يختلف عليك اثنان» فلم يسمع من ابن اخيه جوابا سوي كلمه: «يا عم اولها غيري» و قبل ان يدفن النبي «ص» نجم الخلاف حول خلافته بين المهاجرين و الانصار.

لكن الذي نعلمه ان اباسفيان لم يكن من الانصار و لا من المهاجرين عند ما قالا: «منا امير و منكم امير» حتي يحسب لنفسه حسابا في التحيز الي طرف، و راي انضمامه الي اضعف الاحزاب- اي حزب علي «ع»- اقرب الي مقصده من ايجاد موازنه في القوي و خلق عراقيل تكاد تمنع من حسم الخلاف، فجاء عليا قائلا له: «لو شئت ملاتها ملاتها لك خيلا و رجالا» و علي «ع» يومئذ يطرق الابواب علي المهاجرين و الانصار يتمني ناصرا لقضيته، فلو كان ممن يضيع رشده بالمواعيد الخلابه لاغتنم من ابي سفيان هذا العرض، و لكن الامام عرف سوء قصده- و قصده الصيد في الماء العكر- فاجابه بالرد و الاستنكار قائلا له: «مه يا اباسفيان اجاهليه و اسلاما»


اي انك تتربص دوائر السوء بدين محمد «ص» في عهديك: الجاهليه و عهد الاسلام، و تفرس سوء مرامه من كلامه و انه انتهز فرصه الخلاف من حاشيه النبي «ص» و قصد احتلال مدينه الرسول عاصمه الاسلام بحجه نصره الضعيف او تسويه الخلاف، و ما جيوشه سوي مرده العرب من اهل النفاق، فاذا نزل هولاء في عاصمه التوحيد سادت منافقه العرب و عادت مبادي ء الجاهليه- و الناس حديثو عهد بالاسلام- فيكون الرجعيون اولي بالقوه و النصره و الموحدون اولي بالضعف و الذله «و يخرجن الاعز منها الاذل». قرا هذه الشروح و اكثر منها علي «ع» من كلمه ابي سفيان فرده ردا قارصا، لان عليا رجل الحق و بطل الايمان لا يضحي الدين او المصلحه العامه في سبيل نفع ذاتي او شهوه و انتقام.

و لما عرف ابوسفيان ان عليا «ع» لا ينخدع و انه عند تداخل الاغيار ليصافح اخوانه المسلمين و يتحد معهم لحفظ بيضه الدين- مهما كان ضدهم و كانوا اضداده- ندم ابوسفيان علي لفظته، و هرع الي الحزب الغالب، و انضم اليهم ليحفظ مركزه الاجتماعي قبل ان يخسر الطرفين و تاخرت منوياته الي حين- حينما بخضر عود اميه باماره معاويه علي الشام و عود سلطانهم.

و بعد ما نبغ فيهم معاويه اخذ علي عاتقه القيام بنوايا اسلافه و معه يومئذ ابوه ينصب عليا (ع)- دون المسلمين- هدفا لسهامه الفتاكه، اذ عرفه الينبوع الوحيد لسيال و حي المطفي (ص)، و انه البطل المناوي ء لهم بكل قواه، و العميد القائم ببيت بني هاشم، و المركز القوي لاباده الحرمه السفيانيه، و ان عليا هو و ابوه نصبرا محمد (ص) حين لا ناصره له حتي انه فداه بنفسه ليله مبيته علي فراشه. و ضيع علي قريش هجرته، و نقض ما ابرموه عليه، و علي القاتل صناديد قريش و اركان حزبهم في بدر و غيرها، و لولاه لقضوا علي حياه رسول الله (ص) في بدر و احد و الخندق، و علي الفاتح قلوب اهل مكه في وجه محمد المصطفي اذ تلا عليهم سوره البراءه في الموقف العام العصيب بكل ثبات و جساره و اقدام- الامر الذي لم يكمن يقوم به احد من المسلمين- الي غير ذلك من مواقفه المهمه التي ضيع فيها. علي اميه مكايدها و كانت صدور اميه تغلي كلمرجل علي رجل الايمان.



پاورقي

[1] هاشم و عبد شمس اخوان ابوهما عبد مناف بن قصي.

قيل ولدا توامين متلاصفين بقطعه لحم في ظهريهما فالجات الحاله الي فصلهما بالسيف، فتطير المشتئمون من ذلک و استدلوا منه علي استمرار السيف بين ذراربهما فکان کما قالوه، و کان الامويون من بني عبد شمس و الهاشميون من بني عبدالمطلب طرفي الخصام في الجاهليه و الاسلام، و کان هاشم اسمه عمرو- و يقال له: عمور العلا- و لقب هاشما لکثره هشمه التريد لاضيافه و لزوار البيت الحرام.

[2] کان بنوهاشم صفوه قريش حينما کانت قريش صفوه العرب و وجوه ابناء الجزيره و امتاز بنوهاشم من بين القبائل کلها بالسماحه و الفصاحه و طلاقه الوجه و اللسان و اقراء الضيوف و نجده المظلوم و حسن السمه و شرف النفس و طيب المولد و طالما اعتدت عليهم قريش بسبب تمسکهم بالحقوق و زعايتهم للعهود و محاماتهم عن الحرم.