بازگشت

الامر 3


رأيت كلاماًً لصاحب الرسالة يلوّح به إلي المنع عن التذكارات التي تقع فيها المحرّمات بحجة أنه (لا يطاع الله من حيث يعصي) فدعاني ذلك إلي شرح هذه الكلمة مهذباً... لا يراد بهذه الكلمة أنّ الطاعة إذا وقع في أثنائها فعل محرّم مباين لها ـ وجوداً منفكّاً عنها خارجاً ـ تكون محرّمة، كما هو الحال في التذكارات المقترنة بالمحرمات، لأن هذا مما قام البرهان علي فساده وإلا لبطلت أكثر العبادات ومع ذلك فالأدلة النقلية ـ مضافاً إلي حكم العقل به ـ كثيرة، ويكفي منها الخبر المتضمن لخروج الصادق (عليه السلام) في تشييع جنازة رجع بعض المشيعين عنه لمكان صراخ صارخة ولم يرجع هو (عليه السلام) بل قال لزرارة (امضِ بنا فلو أنّا إذا رأينا شيئاً من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم) [1] .

بل يراد بهذه الكلمة الإعلام بأنّ المعصية الحقيقية لا تكون طاعة كصدقة الزانية من كسب فجورها وإدخالها بذلك السرور علي مسلم.

وبهذه الكلمة علي مثل هذا المعني استشهد السجاد أو الصادق (عليهم السلام) في الخبر المروي عنه المتضمن لبطلان عمل الناسك السارق للرمان المتصدق بواحدة منه محتجاً بقوله تعالي (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) [2] .

ويمكن أن يراد بها مع ذلك أنّ ما هو طاعة حقيقية يلزم أن لا يكون متحداً مع المعصية خارجاً بفعل يكون مجمع العنوانين، كالصلاة في الأرض المغصوبة، وهذا المعني وسابقه أجنبي عن التذكارات التي تقع فيها المحرمات بزعمه.


پاورقي

[1] بحار الأنوار: ج 46 ص 300 ح 43 ب 6.

[2] بحار الأنوار: ج 47 ص 238.