بازگشت

الصنج


وهو مفرد صنوج المعبّر عنها بلسان العامة اليوم (طوس) المنهي عنه - في المروي في المجمع - فهو بظاهر الأمر مردّد بين معان ثلاثة لا يعلم أيها المقصود بالنهي، ولا أن النهي نهي تنزيه أو تحريم، فقد ذكروا أنّه آلة بأوتار ونحاس صغار مدوّر يجعل في إطار الدّف، وآله تتّخذ من صفر يُضرب إحداها بالأخري، وهذا المعني الأخير ينطبق علي ما هو المستعمل اليوم في العزاء الحسيني، لكن من المعلوم أنّ استعمال هذا بالنحو المتعارف الآن في النجف لا يمكن قصد التلهّي به والطرب لأنه بذاته لا لهو فيه ولا طرب فكيف يعدّ من آلات اللهو أو المشتركة بينه وبين غيره؟

إنّ دق الصنج المتعارف في المواكب يوجب الضجر لا الطرب وما هو إلاّ كدق الصفّارين بمطارقهم الحديدية علي قطعات الصفر دقاً منتظماً، ولا يبعد أن يكون هذا كان مستعملاً في الحرب مع الطبل ـ إن كان قديماً ـ وأنّ الصنج المعدود من آلات الملاهي ليس هو هذا الصنج ولا صنج الموسيقي بل ما يتخذ من صفر قطعاً نحو ما يجعل في إطار الدّف يضع الزافن الراقص ـ كل اثنتين منها في إصبعين من أصابع يديه احديهما في الإبهام والأخري في السبابة أو الوسطي يضرب بإحديهما الأخري فترنّ رنيناً خفيفاً هو أرق من التصفيق صدي وأقرب منه إلي الإطراب، وهذا هو ما يسميه الفرس بلغتهم (زنك) وقد اتفق اللغويون علي أنّ لفظ صنج فارسي معرب، وإذا كان فارسيّاً هو تلك الآلة كان النهي مختصاً باستعمالها لا محالة، وعسي أن تكون تسمية غيره باسمه للمشابهة.

ثم إذا كان الصنج لغة مردّداً بين المعاني الثلاثة وكانت الآلة ذات الأوتار وما يجعل في إطار الدف قدراً متيقناً مما جعل موضوع الحكم وما عدا ذلك مشكوك الفردية له، كان مقتضي أصول الفن. لمن لا يوجب الاحتياط في الشبهة المفهومية ـ أن يقول بجوازه لا حرمته... وكم من فرق بين هذا وبين (كاشف الغطاء) واللغة بمرئي منه ـ يعدّ من الأمور الراجحة: دق طبل إعلام. وضرب نحاس ـ وظني أنه حمل الصنج المنهي عنه علي خصوص المطرب منه، ملاحظة للمناسبة بين الحكم وموضوعه... علي أنّ حمل ذلك النهي علي التحريم لا قرينة عليه ولا إجماع بالفرض، لا سيما والنهي الوارد بلفظ التحذير لا بهيئة النهي ولا بمادّته.