بازگشت

الطبل


المعبّر عنه بلسانه العامة (الدّمام) وهو موضوع العناية من الكلام، أما غيره مما قد يستعمل في بعض البلدان كالمسمّي عندهم (نقاره) فلا ريب في حرمته.

ذكر العلامة في (التذكرة) والمحقق الثاني في (جامع المقاصد) أقسام الطبول وعدّا منها: طبل الحرب الذي يضرب به للتهويل، وطبل القافلة الذي يضرب به للأعلام بالنزول والارتحال، وطبل العطارين وهو سفط لهم، وطبل اللهو وفسّر بالكوبة، ولكن نظراً إلي اشتراك (الكوبة) بين معان بعضها ليس من أقسام الطبول وبعضها الآخر طبل لهو كما ستعرفه مثّل له (العلامة) بما يضرب به المخنّثون من طبل وسطه ضيق وطرفاه واسعان وقد صرّحوا بجواز استعمال ما عدا الأخير منها وبيعها وشرائها والوصية بها وادّعي في التذكرة الإجماع علي ذلك.

ولا ريب أن هذه الطبول جميعاً يمكن أن يضرب بها ضرباً لهوياً كما يستعمله أهل الطرب فلم جوّزوا استعمالها؟ أليس لأنها ما أُعدت ولا هُيّئت لذلك؟ أليس لكون الضرب العادي بها ليس ملهياً ولا مطرباً؟ بل هو ضرب إعلام وتنبيه كما هو الشأن في الطبل المستعمل في العزاء.. الطبل العزائي لو كان من الآلات المشتركة بين اللهو وغيره فلا ريب أنّ استعماله ليس لأجل الطرب ولا علي الكيفية المطربة ولهذا عدّ (كاشف الغطاء) في عداد ما كان راجحاً لعنوان راجح ينطبق عليه أكثر ما يقام في العزاء من (دق طبول وضرب نحاس وتشابيه صور).

قد رأينا طبل الحرب أيام الحرب العامة عند أعراب نجد في النجف، وطبل القافلة عندهم منذ كان الحاج العراقي يسير برّاً علي طريق جبلي طي، وهما عين الدمام المتعارف استعماله اليوم في المواكب العزائية في النجف...

إن طبل الحرب والقافلة وطبل العزاء في الشكل والحجم سواء، وفي كون الضرب عليها بآلة لا باليد سواء، وفي كون الضرب منتظماً انتظاماً خاصاً سواء، وفي كون الغرض من ضربها التنبيه والإعلام سواء، فما هو الفارق بينها إذاً؟! طبل اللهو.

إنّ طبل اللهو يفارق هذه الطبول في جميع هذه الخواص عدا الانتظام بيد أنّه في طبل اللهو علي كيفية خاصة يعرفها أهل الملاهي ولا يجهلها كل أحد، وتلك الكيفية غير حاصلة في ضرب الدمام.

ومع قطع النظر عن جميع ما أسلفته أوقفك علي أمر يكفيك في الحكم بجواز الدمام وهو أنه لم يقطع لفظ الطبل في شيء من الأدلة موضعاً للحكم ليؤخذ بإطلاقه، وليدفع الإطلاق بكون المراد طبل اللهو أو يراد بضربه الضرب الملهي، وإنما الموجود في الأدلة الكبرات والكوبات و (الكبر) بفتحتين الطبل ذو الوجود الواحد، وهذا ليس إلاّ طبل اللهو فإنّ ما عداه بوجهين ـ و (الكوبة) بالضم (البربط) وهو العود أو النرد أو الشطرنج أو طبل صغير.

وفي (الصحاح) طبل صغير مختصر، وهذا أيضا ليس سوي طبل اللهو لأنه الصغير، ولو كان غيره كوبة طبلاً صغيراً لم يبق للطبل الصغير مصداق أبداً.

وإذا كان لفظ الطبل لم يقع موضوعاً للحكم فلا مساغ للمنع عنه إلاّ بدعوي أنّ كل طبل آلة لهو وأنّ كل آلة لهو يحرم جميع أنحاء الاستعمال بها علي جميع الكيفيات، وهذا ما لا أظن بأحد أن يقول به...

ومع هذا كله فالاحتياط بترك الطبل كلّه لأنّ تذكارات سيد الشهداء من أهم الأعمال التي يعتبر فيها الإخلاص لله في إقامتها وتعريتها عن كل ما يحتمل تحريمه فضلاً عن معلوم الحرمة.