بازگشت

النجف، وعمل الشبيه


تمتاز النجف ـ وهي مغرس علماء الشيعة ـ بعمل الشبيه عن جميع البلدان العراقية، وذلك انه كان في النجف ميدان واسع طولاً وعرضاً لو اجتمع فيه أهل البلدة جميعاً يومئذ لوَسِعهم، قد أكلته العمارة اليوم ولم يبق منه إلاّ خط طولي وهو شارع محدود… كان هذا الميدان ـ من أزمنة قديمة ـ محلاً لإقامة الشبيه في عشرة أيام من شهر المحرم، ويقوم بتمثيل واقعة الطف جماعة كثيرة من أهل المعرفة فيمثّلون كل يوم نبذة ممتعة من تلك الواقعة، إلي اليوم العاشر…

ودام هذا إلي أيام المحقق الشيخ مرتضي الأنصاري والسيد علي آل بحر العلوم وسائر السلف الصالح من آل كاشف الغطاء وصاحب الجواهر. حتي أوائل أيام الرياسة الكبري للسيد الميرزا محمد حسن الشيرازي نزيل سامراء… ثم ترك هذا التمثيل لتعمير الحكومة قسماً كبيراً من ذلك الميدان ولغير ذلك وصار التمثيل ما هو الجاري الآن في أيّامنا هذه.

أمّا مواكب السيوف ولطم الصدور في الطرقات فحدّث عنها ولا حرج، كثرة واستدامة، مع أن النجف من بين سائر البلدان ما زالت منقسمة بين فئتين متقابلتين بل فئات كثيرة، وكثيراً ما يحدث العراك فيما بينهم، ولكنه لم يوجب منع العلماء إياهم من إقامة الشعارات، نعم ربما منعتهم الحكومة محافظةً علي الأمن العام حتي تتكفل الرؤساء بعدم حدوث شيء من ذلك.

(السيد الميرزا محمد حسن الشيرازي) نزيل سامراء وهو الذي انتهت إليه رياسة الإمامية في عصره في جميع العالم وعدّ مجدّداً للمذهب الجعفري علي رأس القرن الثالث عشر ـ كما أنّ الوحيد البهبهاني (محمد باقر بن محمد أكمل) مجدّده في القرن الثاني عشر ـ قد كان أنفذ كلمة علي عموم الشيعة ملوكها وسوقتها من كل سابق ولاحق. وقد يوجد اليوم في كل بلدة كثير ممن يعرف اشتهاره ونفوذه وكان مع علمه بوقوع الشبيه وخروج المواكب وما يحدث فيها من حوادث وبضرب القامات والسيوف في بلدان الشيعة في العراق وإيران وعدم وقوع الإنكار منه أصلاً تقام جميع الأعمال المشار إليها في (سامراء) محل إقامته نصب عينيه بلا إنكار.

قد يظن الظان لأول وهلة أنه (قدّس الله سرّه) لا يري رجحان ذلك بالنظر إلي حال محيطه، لأن جميع من في البلدة ـ عدا النزلاء ـ من غير الفرقة الجعفرية وفيها أخلاط من غير المسلمين وفي ذلك مجال الاستهزاء و السخرية.