بازگشت

الامام المجلسي


حتي إذا تسنم عرش الملك: (الملوك الصفوية) وهم علويّون موسويّون تفننوا بإظهار ضروب الحزن علي جدّهم الأعلي (الحسين بن علي) فأحدثوا تمثيل فاجعته لعيون الملأ في يوم عاشوراء بأمر وإشارة وبتقرير وإمضاء من العلامة (الفاضل المجلسي) صاحب كتاب (بحار الأنوار) أعلي الله درجته وذلك بعد الألف من الهجرة في أواسط المائة الحادية عشر زمن السلطان (الحسين بن سليمان) الصفوي، والتمثيل يومئذ في دور نشأته حتي بلغ إلي ما هو عليه الآن وقد أتي عليه إلي هذه الأيام نحو ثلاث مائة سنة وهو يقام في بلدان الشيعة بمرأي علمائهم ومسمع من دون إنكار منهم فكأنّهم لعدم نفوذهم ـ ولا أقول لجهلهم ـ تركوا الإنكار إلي الزمن الذي ينفرد به حضرة (السيد) في البصرة والكويت!! فينكر ما جرت عليه سيرة الشيعة وأيّدته علماؤها وانطبقت عليه من العناوين الراجحة التي تضمّنتها أخبار الأئمة الأطهار ما لا يحصي كثرة.

أنا لا أبخس هذا الرجل حقّه من الفضل في بعض النقليات لكنه لم يخلق للإفتاء ولا للخوض في الفنون الدقيقة والأسرار الغامضة و (المرء ميسّر لما خلق له) وهذا عذره عندي فيما ارتبك فيه وهو عذري عنده فيما ارتكبته في هذه الرسالة.

لقد مرّ زمن ـ وهو أوائل المائة الثانية عشر ـ والمبرّز بالعلم والفضل والورع في إيران وخاصة بالري وقم: (الميرزا أبو القاسم القمي).

وفي اصفهان وفارس وبلاد الجبل: الإمام الشفتي (السيد محمد باقر الرشتي) صاحب كتاب (مطالع الأنوار).

وفي العراق بل وإيران وأكثر البلدان: (الشيخ جعفر النجفي) كاشف الغطاء.

وهؤلاء في الاشتهار ونفوذ الكلمة بمنزلةٍ لا توصف، ومع اجتماعهم في الزمن وشدة النفوذ منهم كان التمثيل يقع بمرئي منهم ومسمع ولا منكر منهم.

نعم صرّح كاشف الغطاء بأن الأولي ترك تشبيه الرؤوس وتشبيه النساء في محافل الرجال فحسب.

أتري كاشف الغطاء والسيد الرشتي المذكور يمضيان ذلك ويمنعه أستاذهما (بحر العلوم الطباطبائي) أو أستاذه (الوحيد البهبهاني) أستاذ الكل أو العلامة (المجلسي)؟!!

كلاّ ثمّ كلاّ.

إن السيد محمد باقر المذكور كان - لنفوذ كلمته - يقتل القاتل ويقطع يد السارق ويرجم الزاني ويقيم سائر الحدود، وهو أول من أحرز لقب (حجة الإسلام) في الشيعة، ومع ذلك لم ينكر ما يصنع في إيران من الأعمال الحسينية وهي في جميع ذلك القطر الواسع تقع بنحوٍ لا يكون ما يقع في العراق كلّه إلاّ جزء من مائة جزء منه أو أقل.