بازگشت

لم يدع الي سنة الشيخين و لم يسبهما


لم يكن بامكان زيد أن يجيب محاوريه بغير ما أجابهم به، و قد بدت اجاباته في غاية الكياسة، و قد ذكرهم بأن أسلافه لم يذكروا الشيخين بسوء و انه مقتد بأسلافه، الذين ظلموا و أبعدوا عن مراكز القيادة مع أنهم كانوا أحق بسلطان رسول الله و أن القوم استأثروا عليهم و دفعوهم عنه، و انهم رغم انحرافهم غير الملموس و خصوصا في مجال الحكم و المصبوغ بصبغة ايمانية و الذي لم تدرك الأمة أبعاده و نتائجه الخطيرة، يظلون بنظرهم مسلمين، فانحرافهم المرتبط بالحرارة الايمانية للأمة يختلف عن الانحراف المكشوف الذي يتحدي مصالح الأمة (و لهذا استطاعت الأمة أن تلتفت الي انحراف عثمان [1] بينما لم تلتفت بوضوح الي انحراف أبي بكر و عمر، و بهذا بدأ علي بن أبي طالب معارضته لأبي بكر و عمر في الحكم بشكل واضح بعد أن مات أبوبكر و عمر، و لم يكن من المعقول تفسير هذه المعارضة علي أنها معارضة شخصية بسبب طمع في سلطان) [2] .

لقد أوضح زيد لمنافسيه أن الأمويين ليسوا كأبي بكر و عمر اللذين يتمتعان بمكانة عالية لدي فئات واسعة من الأمة.

و أوضح لهم زيد أن الجدير بهم أن يعودوا لرفع مطاليب الأمة المسلمة الأساسية، العودة الي كتاب الله و سنة نبيه و الي السنن و البدع أن تطفأ... لم يدعهم كما لم يدعهم جده أميرالمؤمنين من قبل الي سنة الشيخين اذ لم يجد أنها سنة أساسية ترتبط بالتجربة الاسلامية منذ البداية و ان علي المسلمين الأخذ بها، بل دعا الي السنن و البدع أن تطفأ و هي دعوة لا مجال معها للقول بأن زيد كان يري تفضيل الشيخين علي علي، بل يمكن الجزم أنه أراد الأمور أن تعود الي نصابها الطبيعي كما كانت في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.. و من هنا فلا مجال لاتهامه بأنه كان يقر حكم الشيخين. الا أن ذلك ما دام قد كان أمرا واقعا قد حدث و انتهي و لقي قبولا من فئات عديدة من المسلمين و ما دام الخوض فيه بأسلوب متشنج غير عملي و غير واضح يثير الفرقة و الحساسيات بين المسلمين، فان زيدا لم ير من موجب لتقليب الصفحات التي تسبب ذلك.


و حسب أهل الكوفة أن يلتفتوا الي بيانه الواضح حول أحقية أهل البيت عليهم السلام بالقيادة و الحكم، فلا ينزعجوا من دعوته للتمييز بين الأمويين المنحرفين و بين من سبقوهم من الخلفاء و يفوتوا عليهم فرصة خلط الاوراق التي لجأ اليها معاوية منذ البداية.


پاورقي

[1] ناهيک عن انحراف الامويين المعلن و السافر.

[2] أهل البيت ص 63.