بازگشت

تصرف عن وعي و بصيرة


و اجماع أهل البصرة كلهم الانضمام لابن الأشعث مستبصرين و اعين بحقيقة الخطوة التي يقدمون عليها لمحاربة دولة الظلم الأموية، أمر له مغزاه، و لم يسبق أن حدث من قبل.. و كان يعني أن هذه الشريحة من الأمة في هذا المصر من العالم الاسلامي تدرك حقيقة ما يجري في ظل تلك الدولة و تدرك حقيقة خروجها السافر عن الاسلام و ان ظلت تبرر وجودها و ظلمها بأمور و حجج و ذرائع نسبتها للاسلام، و كان يعني أن ذلك كان الامر الوحيد الذي ينبغي أن تقوم به لمواجهة تلك الدولة خصوصا و انه تم اثر خطوة ظالمة أقدم عليها الحجاج مستهدفا جمع الاموال دون وجه حق،


فقد ذكر أن سرعة اجابة اهل البصرة لبيعة ابن الاشعث (ان اعمال الحجاج كتبوا اليه ان الخراج قد انكسر و ان أهل الذمة قد اسلموا و لحقوا بالامصار. فكتب الي البصرة و غيرها أن من كان له اصل من قرية فليخرج اليها. فأخرج الناس لتؤخذ منهم الجزية فجعلوا يبكون و ينادون: يا محمداه، يا محمداه، و لا يدرون أين يذهبون، و جعل قراء البصرة يبكون لما يرون، فلما قدم ابن الاشعث عقيب ذلك بايعوه علي حرب الحجاج و خلع عبدالملك) [1] .

كانت خطوة الحجاج لجمع (الجزية) من المسلمين بارجاعهم عن الاسلام و اعادتهم كفارا رغم أنوفهم تعد استهانة بالغة بالاسلام جملة و تفصيلا. اذ أن المتوقع في ظل دولة تدعي شرعيتها علي أساس الاسلام أن يعمد المسؤولون فيها الي كسب المزيد من الناس الي جانبه.

و ان أدي ذلك الي حرمان ميزانية الدولة من (الجزية) التي يدفعونها، لا أن يقوموا بتحرك مضاد من شأنه تقوية معسكر الكفر لمجرد أن ذلك يؤدي الي انتفاخ جيوبهم بالمال الحرام، و كان من شأن ذلك أن يجرح مشاعر المسلمين الواعين و يستفز الامة بأسرها، و هو قد استفز أهل البصرة و في مقدمتهم (القراء) الذين كانوا يشكلون شريحة واسعة و يعتبرون من أكثر الناس ادراكا لما كان يدور حولهم و وعيا بطبيعة الممارسات المعادية للاسلام و التي تقوم بها الدولة علانية، دون تحرج أو خجل.


پاورقي

[1] ابن‏الاثير 200/4 و الطبري 648/3.