بازگشت

خوف عبدالملك من ثورة عبدالرحمن و قيامه بتحريض اهل الشام علي اهل العراق


و كان لخبر خروج عبدالرحمن علي الدولة الأموية وقع الصاعقة علي عبدالملك، اذ أنه هاله حتي نزل عن سريره و بعث الي خالد بن يزيد بن معاوية فأقرأه كتاب الحجاج، و حاول هذا طمأنته لما رأي ما به من الجزع، ثم ألقي عبدالملك خطبة تدل علي مدي مخاوفه من خروج عبدالرحمن و حاول تحريض أهل الشام علي أهل العراق مستغلا العداوة التي زرعها معاوية بينهم و أتت أكلها لصلاح الدولة الأموية علي مر الأيام.

قال لهم: (ان أهل العراق طال عليهم عمري فاستعجلوا قدري. اللهم سلط عليهم سيوف أهل الشام حتي يبلغوا رضاك، فاذا بلغوا رضاك لم يجاوزوا الي سخطك) [1] .

كان ذلك هو المبرر الوحيد الذي قدمه عبدالملك لأهل الشام، و كان مظهر التقوي الذي ظهر به أمامهم و دعاؤه أن يسلط الله أهل الشام علي أهل العراق حتي


يبلغوا رضا الله فلا يتجاوزوه الي سخطه، من شأنه أن يؤثر في اهل الشام (أهل الطاعة) و يدفعهم للقتال معه ضد (أعدائهم) العراقيين. و هذا الأسلوب الوعظي من حكام الجور المستلحين بأسلحة الدجل المناسبة يظهر في كل مناسبة يتعرضون فيها للمخاطر و احتمال ازاحتهم عن عروشهم [2] .


پاورقي

[1] الطبري 624/3.

[2] و هو ما نشهده في أيامنا هذه اذ يعمد حکام الجور الي الظهور بمظهر الوعاظ الزاهدين و يجمعون حولهم وعاظ السلاطين في مؤتمرات اسلامية حتي يبدون کأنهم المدافعون الحقيقيون عن الاسلام و يلقون فيهم کلمات تدعو الي التمسک باطاعة الله و رسوله و أولي الأمر (هم طبعا) و عدم المخالفة و الخروج عن حبل الله! و التمسک بوحدة الجماعة.. الخ. و يظهرهم الوعاظ أمام الأمة و کأنهم فعلا حماة الاسلام و ممثلوه الشرعيون، و ما أکثر النماذج التي نشهدها.