رفض مطاليب الخوارج
و قد أخبره موفدو شبيب انهم يدعون الي كتاب الله و سنة محمد صلي الله عليه و آله و سلم. و ان
الذي نقموه علي قومهم الاستئثار بالفي ء و تعطيل الحدود و التسلط بالجبرية.. و قد أجابهم مطرف بأنهم لم يدعوا الا الي حق و ما نقموا الا جورا ظاهرا و أخبرهم أنه يؤيد ما يدعون اليه و طلب منهم أن يتابعوه الي ما يدعوهم اليه ليجتمع أمره و أمرهم و تكون يده و أيديهم واحدة، و قال انه يدعوهم لمقاتلة الظلمة العاصين علي احداثهم الذين أحدثوا و أن يدعوا هؤلاء الظلمة الي كتاب الله و سنة نبيه و أن يكون الامر شوري بين المسلمين، يؤمرون عليهم من يرضون لأنفسهم [1] .
و لم يتفقوا علي شي ء في تلك المقابلة الأولي، و طلب منه مبعوث آخر من شبيب في مقابلة أخري أن يتبعهم، و له ما لهم و عليه ما عليهم و الا فانه سيكون كبعض من يعادون و يقاتلون من المشركين...
و قد رفض مطرف ما دعاه اليه الخوارج و أخبر بعض خواص أصحابه بالمباحثات التي جرت بينهم و قال: (... و الله ما زلت لأعمال هؤلاء الظلمة كارها، أنكرها بقلبي، و أغيرها ما استطعت بفعلي و أمري، فلما عظمت خطيئتهم، و مر بي هؤلاء القوم يجاهدونهم، لم أر أنه يسعني الا مناهضتهم و خلافهم ان وجدت أعوانا عليهم، و اني دعوت هؤلاء القوم فقلت لهم كيت و كيت، و قالوا لي كيت و كيت، فلست أري القتال معهم، لو تابعوني علي رأيي و علي ما وصفت لهم لخلعت عبدالملك و الحجاج و لسرت اليهم أجاهدهم...) [2] .
فهو هنا يرفض دولة عبدالملك و خادمه الحجاج، و لا يبدو من كلامه أنه يشك بانحرافها كلية عن الاسلام، غير أنه يرفض - بنفس الوقت - أن يقاتل تحت شعارات الخوارج الذين يرون أنهم أحق الناس بالخلافة، لأنهم أول من قاوموا الظلم علي حد زعمهم.
پاورقي
[1] المصادر السابق.
[2] الطبري 595 - 594/3 و ابنالاثير 179/4.