بازگشت

المختار: تصدي لدول الظلم بنفس أساليبها


و هكذا انطوت صفحة الحوادث التي كان المختار بطلها و قتل فيها و هو يشهر سيفه بهمة شاب شديد مع أنه كاد يقارب السبعين من عمره، و لابد أن يكون خروج


المختار و تصديه للقوتين المتنافستين اللتين أقامتا دولتين لا تمتان للاسلام بصلة، و أسلوبه في العمل و سلوكه مدعاة لتأمل عميق و دراسات جادة من قبل الباحثين و الدارسين لا تنساق فيها مع العواطف و الأوهام و الأكاذيب التي قيلت بشأنه.

و ان أصح ما يمكن أن يقال فيه أنه تصدي لدولتي الظلم المتنافستين بنفس أساليبهما، و اذا ما أخذ أحد عليه خروجا عن المألوف في حربه و عقوبة المجرمين الذين شاركوا بمجزرة كربلاء و قتاله من اعتبرهم أعداء له فأولي بهذا أن يؤاخذ الآخرين الذين لجأوا الي أبشع الأساليب الشريرة في حربهم معه.

ان حركة المختار أظهرت حال الأمة المضطرب و انقسامها الشديد و ظهور النزعات العرقية الحادة و بينت كيف أنه حاول الالتفاف للمسلمين غير العرب من الآخرين الذين رفعوا شعارات العروبية و تمسكوا بالعصبية القبلية التي أبادها الاسلام ثم ظهرت بشكل حاد و نمت و قويت مع ظهور الدولة الأموية، و أبانت كيف أن هذه الأمة أصبحت رهن أطماع قوي سياسية شريرة لا تري الا مصالحها و امتيازاتها، و لا نكاد نلمح في لجة الصراع طيفا لتطلع اسلامي حقيقي يعيد للأمة كيانها القائم علي الاسلام و الاسلام وحده، كما كشفت عن انحدار الأمة و ضعفها و وقوعها فريسة لمفاهيم و آراء و قوي غريبة عنها و عن عقيدتها الاسلامية التي كادت أن تختفي خلف الركام الهائل لتلك المفاهيم و الآراء و القوي.