بازگشت

و في عاشوراء قتل ابن زياد أيضا


و من الغريب أن نذكر هنا أن ابن زياد في عاشورا سنة سبع و ستين [1] بعد ست سنين من اقدامه علي جريمة قتل الحسين عليه السلام في عاشوراء سنة احدي و ستين. قتل بعد أن تيقن أن كل شي ء لا يمكن أن يسير دونه، و بعد أن منحته الدولة الأموية بقيادة عبدالملك ثقتها المطلقة و أباحت له التصرف في الأرض التي يمتد سلطانه عليها و في كل شي ء حملت تلك الأرض، و بعد أن جاء مغيرا علي الكوفة ثانية ليستأصل من أهلها كل من يمت الي أهل البيت عليهم السلام بود أو ولاء...


وصل رأسه الي الكوفة مع رؤوس قواده فألقيت في القصر الذي كان مقرا لجرائمه التي استنكرها الجميع حتي أمه التي قالت له: (يا خبيث، قتلت ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم! لا تري الجنة أبدا) [2] .

و كان عبيدالله نتاجا للدنس و الخطيئة، و نتاجا لولادة غير طبيعية لنظام التعسف و الظلم و الجور المنافي لقيم الاسلام و حدوده و أحكامه، بل لكل قيمة بشرية تحترم الانسان و حقه في الحياة و الحرية، و كان وجوده رفضا لأي تعامل طبيعي أرساه الاسلام، و كان مثالا مشوها للشر و الجريمة و الشك و سوء الظن و الغدر أفرزته فلسفة معاوية في الحياة و الحكم، و نسجته عقلية زياد الملتوية المتقلبة الحقودة، و كان نسخة منه، أشبهه من بين من وطي ء الحصي، و لم ينتزعه شبه خال و لا ابن عم، كما قال هو عن نفسه، و شهد بذلك عليها [3] .

أورد ابن الأثير عن الترمذي في جامعه أن ابراهيم بن الأشتر (أنفذ رأس عبيدالله بن زياد الي المختار و معه رؤوس قواده، فألقيت في القصر، فجاءت حية دقيقة، فتخللت الرؤوس حتي دخلت في فم عبيدالله بن زياد ثم خرجت من منخره، و خرجت من فيه، فعلت هذا مرارا...) [4] .



پاورقي

[1] أورد ذلک الشعبي / البحار 385 / 45.

[2] ابن‏الأثير 63 / 4.

[3] و رحم الله ابن‏مفرغ حينما يقول فيه:



ان المنايا اذا مازرن طاغية

هتکن أستار حجاب و أبوابا



أقول بعدا و سحقا عند مصرعه

لابن‏الخبيثة و ابن‏الکودن الکابي‏



لا أنت زوحمت عن ملک فتمنعه

و لا متتت الي قوم بأسباب‏



لا من نزار و لا من جذم ذي يمن

جلمود ذا ألقيت من بين الهاب‏



لا تقبل الأرض موتاهم اذا قبروا

و کيف تقبل رجسا بين أثواب‏



ابن‏الأثير 63 / 4

و أورد الأندلسي بيتا منسجما مع هذه الأبيات عن لسان نفس الشاعر:



ان الذي عاش ختارا بذمته

و مات عبدا قتيل الله بالزاب‏



العقد الفريد 153 / 5

و قد أورد المجلس الأبيات عن ابن نما بشکل مختلف قليلا.

[4] ابن‏الأثير 63 / 4 و روي عن أبي‏الطفيل عامر بن وائلة الکنالي قال: (وضعت الرؤوس عند السده بالکوفة عليها ثوب أبيض، فکشفنا عنها الثوب، و حية تتغلغل في رأسي عبيدالله و نصبت الرؤوس في المرصة. قال عامر: و رأيت الحية تدخل في منافذ رأسه و هو مصلوب مرارا) البحار 385 / 45.