بازگشت

هزيمة جيش الشام و مقتل ابن زياد


و قد استمرت المعركة حتي الليل كانت الوقعة فيها علي أصحاب ابن زياد، و قد انهزموا بعد قتال شديد و قتلي كثيرة بين الفريقين، و قتل في المعركة كبار أصحاب ابن زياد و قادته مثل الحصين بن نمير و شراحبيل بن ذي الكلاع و ابن حوشب و غالب الباهلي، و كان من غرق من أصحاب ابن زياد - بعد الهزيمة - أكثر ممن قتل، و أصاب


أصحاب ابراهيم معسكرهم، فيه من كل شي ء [1] .

و ذكر أحد أصحاب المختار ممن شهدوا المعركة مع ابراهيم أنهم عدوا القتلي بالقصب لكثرتهم قيل كانوا سبعين ألفا.

أما ابن زياد، فقد قتل في تلك المعركة، بعد أن حسب أنه سيتغلب حتما علي من كانت علي الغلبة عليهم بالأمس، كان يقاتل بضراوة مدافعا عن الملك الطويل العريض الذي أصبح له اليوم بعد أن أبدي حرصا واضحا علي خدمة الدولة الأموية التي ما كانت لتقوم لها قائمة لو لا سيفه و رأيه، و كان يبدو أكبر شخصية في تلك الدولة بعد عبدالملك.

قال غلام له هرب الي الشام، يصف آخر مشهد له: (لما جال الناس تقدم فقاتل، ثم قال: ائتني بجرة فيها ماء، فأتيته فشرب و صب الماء بين درعه و جسده، و صب علي ناصية فرسه، ثم حمل، فهذا آخر عهدي به) [2] .

كان ابن زياد يقاتل بشراسة مستهينا بمن كان يقاتلهم، و قد حاول بث العزيمة في جيشه المتخاذل عندمت حاول الاستهانة بقائد الجيش المقابل.

تساءل ابن زياد: (من هذا الذي يقاتلني؟

قيل له: ابراهيم بن الأشتر.

قال: لقد تركته أمس صبيا يلعب بالحمام).

و لم يحسب أن مثل هذا الصبي يمكن أن يكبر و يذيقه الحمام.

فالأمس غير اليوم، و الصبي يمكن أن يكبر و يصبح رجلا شديد البأس.

صرعه ابراهيم،و لم يحسب أن من صرعه كان ابن زياد نفسه.

و قد فكر بعد المعركة، بأن من صرعه و قده نصفين قد يكون هو ذلك الطاغية.

و اذ أن الأعداد التي قتلت من جيش الشام كانت كبيرة، كما أن عدد الغرقي الهاربين من القتال كان كبيرا أيضا، فان أحدا ما لم يعثر علي جثة ابن زياد لو لم ينتبه ابراهيم نفسه الي أنه قد يكون قد قتل ابن زياد، اذ عاد الي ذهنه مشهد خاطف.


قال ابراهيم لأصحابه بعد انجلاء المعركة: (أقبل رجل أحمر في كبكبة يغري لا ناس كأنه بغل أقمر، لا يدنو منه فارس الا صرعه، و لا كمي الا قطعه، فدنا مني فضربت يده فأبنتها، و سقط علي شاطي ء الخازر، فشرقت يداه و غربت رجلاه فقتلته، و وجدت رائحة المسك تفوح منه، و جاء رجل نزع خفيه.

و ظنوا أنه ابن زياد من غير تحقيق، فطلبوه، فاذا هو علي ما وصف ابراهيم فاحتزوا رأسه، و احتفظوا طول الليل بجسده، فلما أصبحوا عرفه مهران مولي زياد، فلما رآه ابراهيم قال: الحمد الله الذي أجري قتله علي يدي) [3] .


پاورقي

[1] و ما أجمل قول عمير بن حباب السلمي في جيش ابن‏ زياد:



و ما کان جيش جمع الخمر و الزنا

محلا اذا لاقي العدو لينصرا



ابن‏الأثير 63 / 4.

[2] البحار 384 / 45.

[3] البحار 383 / 45 و ذکر الطبري و ابن‏الأثير رواية مماثلة اذ نسبوا الابن‏الأشتر قوله: (قتلت رجلا وجدت منه رائحة المسک، شرقت يداه و غربت رجلاه، تحت راية منفردة علي شاطي‏ء نهر خازر. فالتمسوه فاذا هو عبيدالله بن زياد قتيلا، ضربه فقده بنصفين..) الطبري 481 / 3 و ابن‏الأثير 62 / 4

و قد ذکر ان الذي قتل ابن‏ زياد هو شريک بن جدير التغلبي أحد أميرالمؤمنين عليه ‏السلام و أصحابه، و کانت عينه قد أصيبت في احد المعارک التي خاضها الامام ضد أعدائه، و قد لحق بعد وفاته عليه ‏السلام ببيت المقدس، و قد وصله نبأ مقتل الحسين عليه ‏السلام. و هو هناک فقال: (أعاهد الله ان قدرت علي کذا و کذا - يطلب بدم الحسين - لأقتلن ابن‏مرجانة أو لأموتن دونه، فلما بلغه أن المختار خرج يطلب بدم الحسين أقبل اليه، فکان وجهه مع ابراهيم بن الأشتر، و جعل علي خيل ربيعة، فقال لأصحابه: اني عاهدت الله علي کذا و کذا. فبايعه ثلاثمائة علي الموت. فلما التقوا حمل فجعل يهتکها صفا صفا مع أصحابه حتي و صلوا اليه. و نار الوهج لا يسمع الا وقع الحديد و السيوف، فانفرجت عن الناس و هما قتيلان ليس بينهما أحد، التغلبي وعبيدالله ابن‏ زياد) الطبري 482 - 481 / 3 و يضيف ابن‏الأثير قوله: (... الأول أصح) 62 / 4 مشيرا الي انه يرجح قيام ابراهيم بقتل ابن‏ زياد و هو ما ترجحه معظم الروايات.