بازگشت

نداءات ابن الأشتر


يا أنصار الدين و شيعة الحق و شرطة الله، هذا عبيدالله بن مرجانة

كان ابن الأشتر يشد عزيمة أصحابه، و قد ركب فرسا له ثم مر بأصحاب الرايات كلها و كان يخطب فيهم بهذا الخطاب: (يا أنصار الدين، و شيعة الحق، و شرطة الله، هذا عبيدالله بن مرجانة قاتل الحسين بن علي، ابن فاطمة بنت رسول الله، حال بينه و بين بناته و نسائه و شيعته و بين ماء الفرات أن يشربوا منه، و هم ينظرون اليه،[و منعه أن يأتي ابن عمه فيصالحه] [1] ، و منعه أن ينصرف الي رحله و أهله، و منعه الذهاب في الأرض العريضة حتي قتله و قتل أهل بيته، فو الله ما عمل فرعون بنجباء بني اسرائيل ما عمل ابن مرجانة بأهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

قد جاءكم الله به، و جاءه بكم، فو الله اني لأرجو ألا يكون الله جمع بينكم في هذا الموطن و بينه الا ليشفي صدوركم بسفك دمه علي أيديكم، فقد علم الله أنكم خرجتم غضبا لأهل بيت نبيكم) [2] .

و كان ابن الأشتر يسير فيها بين الميمنة و الميسرة، بل و في الناس كلهم يرغبهم في الجهاد و يحرضهم علي القتال، ثم رجع حتي نزل تحت رايته و زحف القوم اليه.

و قد جعل ابن زياد كبار قادته، الحصين بن نمير السكوني و عمير بن الحباب السلمي و شرحبيل بن ذي الكلاع علي الميمنة و الميسرة و الخيل، و هو يمشي في الرجال، و بدأت معركة ضارية بين الطرفين، كانت الغلبة فيها في البداية لجيش ابن


زياد الذي دحر ميسرة بن الأشتر و قتل قائدها. الا أن ابن الأشتر ثبت في ذلك الموقف، و قد كشف عن رأسه و أخذ ينادي: (يا شرطة الله، الي، أنا ابن الأشتر، ان خير فراركم كراركم، ليس مسيئا من أعتب: فثاب اليه أصحابه) [3] .

و قد اتجه ابراهيم الي قلب جيش ابن زياد الذي كان ابن زياد نفسه يقوده قائلا: (أموا هذا السواد الأعظم، فوالله لو قد فناه لا نجفل من ترون منهم يمنة و يسرة انجفال طير ذعرتها فطارت) [4] .

و كان الأمر كما ذكر: مشوا اليهم فاطعنوا بالرماح قليلا، ثم صاروا الي السيوف و العمد فاضطربوا بها مليا من النهار، ثم ان أهل الشام انهزموا و منحوهم أكتافهم، فكان صاحب راية ابراهيم ينغمس برايته فيهم حتي لا يعود له متقدم و ابراهيم يشد بسيفه فلا يضرب به رجلا الا صرعه (و كرد ابراهيم الرجال من بين يديه كأنهم الحملان، و اذا حمل براية شد أصحابه شدة رجل واحد) [5] .


پاورقي

[1] تحدثنا عن هذه الزيادة التي وردت في بعض الروايات و التي قيل فيها ان الحسين عليه ‏السلام طلب أن يذهب الي يزيد فيضع يده في يده و رفض ابن‏ زياد ذلک، و قد فندنا هذه الزيادة، بمبحث صغير مستقل في هذا الکتاب و بينا الأسباب التي تجعل مثل ذلک اللقاء مستحيلا و عدم امکانية صدور مثل ذلک الطلب من الحسين عليه ‏السلام في تلک اللحظات التي وقف فيها أمام الأمة کلها رافضا حکومة يزيد رفضا باتا و مستعدا للتضحية بدم لوقف الانحراف و التردي، و هو لموقف الوحيد الذي بدا ان الحسين لابد ان يقفه، و ربما وردت هذا الزيادة بسبب بعض المصحفين و الکتاب و المحررين، اذ لا يمکن ان تخفي حقيقة الحسين عليه ‏السلام و مواقفه و أقواله عن قائد مثل ابن‏الأثير الذي لابد انه کان يتابع الأحداث و يطلع عليها اطلاعا واعيا، و لا يمکن ان يفوته افتراء عمر بن سعد / قاتل الحسين، و المصدر لوحيد لتلک الرواية المزورة.

[2] الطبري 480 / 3.

[3] الطبري 481 / 3 و ابن‏الأثير 61 / 4 و روي المجلسي انه قال بعدها: (ألا يا شيعة الحق ألا يا أنصار الدين، قاتلوا المحلين و أولاد القاسطين. لا تطلبوا أثرا بعد عين. هذا عبيد الله بن زياد، قاتل الحسين) البحار 382 / 45 وقکر انه جرت منازلات فردية قبل المعرکة دخل منها علي أهل الشام من أهل العراق مدخل عظيم و الذي نرجحه أن تلک المنازلات الفردية کانت قليلة لان ابن‏الأثير استخدم عنصر المباغتة و المفاجأة و لم يرد لأهل الشام ان يلتقطوا أنفاسهم.

[4] المصادر السابقة 481 / 3 و 62 / 61 / 4 و قد شبه أحد أصحاب ابراهيم صوت اضطراب الرماح و السيوف و العمد و وقع الحديد علي الحديد کصوت مياجن قصاري دار الوليد بن عقبة بن أبي‏معيط، يشير بذلک الي بذخ و اسراف تلک الأسرة المتسلطة التي کان أفرادها أبعد الناس عن الاسلام ثم صاروا سادة و قاده ذوي ترق و جاه في ظل دولة الانحراف الأموية.

[5] المصدر السابق.