بازگشت

جدل بيزنطي


و يكشف حوار بين مقاتل عراقي و آخر من أهل الشام طبيعة العقلية الشامية التي تري ضرورة القتال مع (أمام) حتي و لو كان امام باطل... و عدم القتال مع غير أمام [1] ، مع ان امام أهل الشام (عبدالملك)، لم يكن يتمتع بالشرعية بعد، لوجود (الامام الشرعي) الذي سبقه للدعوة الي نفسه و هو ابن الزبير. (و لم تعزز هذه المقولة الا بعد هلاك ابن الزبير و تغلب عبدالملك و استتباب الأمور لصالحه).

قال عبدالله بن زهير السلولي، الفارس العراقي الذي ذهب يستطلع أخبار جيش ابن زياد قبيل هجوم ابن الأشتر، و كان أفراده قد فرجئوا بجيش ابن الأشتر فخرجوا علي دهش و فشل... (لقيني رجل منهم فما كان هجيري الا يا شيعة أبي تراب، يا شيعة المختار الكذاب!

فقلت: ما بيننا و بينكم أجل من الشتم.

فقال لي: يا عدو الله، الام تدعوننا! أنتم تقاتلون مع غير امام.

فقلت له: بل يا لثارات الحسين بن رسول الله. ادفعوا الينا عبيدالله بن زياد، فانه قتل ابن رسول الله و سيد شباب أهل الجنة، حتي نقتله ببعض موالينا الذين قتلهم مع الحسين، فانا لا نراه لحسين ندا فنرضي أن يكون منه قودا، و اذا دفعتموه الينا


فقتلناه ببعض موالينا الذين قتلهم، جعلنا بيننا و بينكم كتاب الله، أو أي صالح من المسلمين شئتم حكما.

فقال لي: قد جربناكم مرة أخري في مثل هذا - يعني الحكمين - فغدرتم.

فقلت له: و ما هو؟

فقال: قد جعلنا بيننا و بينكم حكمين فلم ترضوا بحكمهما.

فقلت له: ما جئت بحجة، انما كان صلحنا علي أنهما اذا اجتمعا علي رجل تبعنا حكمهما، و رضينا به و بايعناه، فلم يجتمعا علي واحد، و تفرقا، فكلاهما لم يوفقه الله لخير و لم يسدده.

فقال: من أنت؟ فأخبرته، فقلت له: من أنت؟

فقال: عدس - لبغلته ليزجرها -

فقلت له: ما أنصفتني، هذا أول غدرك) [2] .

كان الشامي مكلفا بخفض هذه الأقوال و تزويدها كما يقوم بذلك الببغاء، لا مناقشة الآخرين بها. أما العراقي فكان علي وعي تام بمجريات الأمور و يعلم ما يقول و يدرك السبب الذي يقاتل من أجله.


پاورقي

[1] و وفق المفهوم الأموي للامام أو الخليفة، فان عبدالملک بن مروان الذي بويع بعهد من أبيه في خلافة ابن‏ الزبير لما تصح خلافته و کان مجرد متغلب علي مصر و الشام ثم غلب علي العراق و ما والاها الي ان قتل ابن‏ الزبير سنة ثلاث و سبعين، فصحت خلافته من يومئذ و استوثق له الأمر، (السيوطي / تاريخ الخلفاء / 200)، و قال السيوطي أيضا: (و الأصلح ما قال الذهبي ان مروان لا يعد فلي أمراء المؤمنين، بل هو باغ خارج علي ابن‏ الزبير، و لا عهده الي ابنه بصحيح. و انما صحت خلافة عبدالملک من حين قتل ابن‏ الزبير. و أما ابن‏ الزبير فانه استمر بمکة خليفة الي ان تغلب عبدالملک.) تاريخ الخلفاء 198 / 197 و لو أن ابن‏ الزبير تغلب علي عبدالملک لمات عبدالملک باغيا وفق هذا المنطق الذي يجعل الحق مع الأقوي و مع من يسبق غيره لأخذ البيعة لنفسه، و لا ندري کيف صحت خلافة ابن‏ الزبير اللهم الا لأنه بادر عند هلاک يزيد بالدعوة لنفسه و لم يکن مروان قد فکر قبله بذلک، و لو انه بادر قبله بذلک لکانت خلافته قد صحت، و لا ندري کيف يکون مروان ثقة عندهم مع انه باع خارج علي امام زمامه (ابن‏ الزبير).

[2] الطبري 480 / 3 و لم يذکر ابن‏الأثير سوي بداية هذه القصة 61 / 4.