بازگشت

ابن الزبير: أساليب و مواقف أموية


و رغم موقف محمد بن الحنفية الواضح، و عدم سعيه لمنافسة ابن الزبير و عرقلة مشروعه لنيل السلطة، فان هذا الأخير لم يكتف بذلك و انما أراد اجباره علي مبايعته، و قد (حبس محمد بن الحنفية و من معه من أهل بيته و سبعة عشر رجلا من وجوه أهل الكوفة بزمزم، كرهوا البيعة لمن لم تجتمع عليه الأمة، و هربوا الي الحرم، و توعدهم بالقتل و الاحراق. و أعطي الله عهدا ان لم يبايعوا أن ينفذ فيهم ما توعدعم به، و ضرب لهم في ذلك أجلا) [1] .

و ربما كان موقف ابن الزبير ذاك من محمد بن الحنفية (انه خاف أن يتداعي الناس الي الرضا به، فألح عليه و علي أصحاب في البيعة له) [2] بعد أن استولي المختار علي الكوفة و أفصح عن شعاراته و قتل من شاركوا بقتل الحسين و أصحابه عليه السلام.

و هنا، و أمام عزم ابن الزبير تنفيذ ما وعد بتنفيذه و اصراره علي تنفيذ عقوباته، لم يجد محمد بن الحنفية بدا من الاستنجاد بالمختار لانقاذه و أصحابه مما قد يحل بهم، و قد أرسل اليه هذه الرسالة:

(بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن علي و من قبله و من آل رسول الله الي المختار بن أبي عبيد و من قبله من المسلمين.


أما بعد: فان عبدالله بن الزبير أخذنا و حبسنا في حجرة زمزم، و حلف بالله الذي لا اله الا هو لنبايعنه أو ليضرمنها علينا بالنار. فيا غوثا) [3] .

و قد سارع المختار بارسال نجدات متتابعة لانقاذه و تخليصه من ابن الزبير، و وصل أكثر من خمسمائة فارس الي مكة منادين: يا لثارات الحسين حتي انتهوا الي زمزم حيث حبس محمد بن الحنفية و أصحابه، و قد أعد ابن الزبير الحطب ليحرقهم و قد خلصوهم و طلبوا من ابن الحنفية السماح لهم بمقاتلة ابن الزبير، الا أنه رفض ذلك قائلا: (اني لا أستحل القتال في حرم الله) [4] و (خرج محمد بن الحنفية و من معه الي شعب علي و هم يسبون ابن الزبير و يستأذون ابن الحنفية فيه، فيأبي عليهم، فاجتمع مع محمد بن علي في الشعب أربعة آلاف رجل) [5] .

و بهذا ينتهي فصل مهم من أحداث تاريخنا لعبه المختار بمهارة و وعي و حسم.


پاورقي

[1] الطبري 473 / 3 و ابن‏الأثير 52 / 4.

[2] ابن‏الأثير 52 / 4.

[3] اليعقوبي 261 و ذکر الطبري ان محمد بن الحنفية (وجه ثلاثة نفر من أهل الکوفة حين نام الحرس علي باب زمزم و کتب معهم الي المختار و أهل الکوفة يعلمهم حاله و حال من معه، و ما توعد به ابن‏ الزبير من القتل و التحريق بالنار و يسألهم الا يخذلوه کما خذلوا الحسين و أهل بيته. فقدموا علي المختار) الطبري 473 / 3.

[4] الطبري 473 / 3 و ابن‏الأثير 53 / 4 و من الطريق ان هؤلاء سموا ب (الخشبية) لانهم دخلوا مکة و بأيديهم الخشب کراهة اشهاد السيوف في الحرم، و قيل أنهم أخذوا الحطب الذي أعده ابن‏ الزبير لاحراق ابن‏الحنفية و أصحابه.

[5] الطبري 473 / 3. ابن‏الأثير 53 / 4.