بازگشت

المختار: لا لابن الزبير لا لآل مروان


ان الوقائع التاريخية - حتي تلك التي وصلت الينا من مصادر خبرية مناوئة للمختار، تؤكد حقيقة واحدة مهمة و هي عدم استعداده للسير خلف قيادة ابن الزبير، ناهيك عن القيادة المروانية، رغم ما قيل عن استعداده لقبول ابن الزبير اذ ما قبل هذا بدوره أن يشركه في الحكم.

و قد تعرضنا لهذا البحث من قبل، الا أن الوقائع التي ترد هنا تؤكد تلك الحقيقة، كما تؤكد أن المختار كان يعرف استعدادات خصمه للمراوغة و الخديعة فأعد للأمر عدته، بل انه أرهقه بما أعده هو من خطط و أساليب من شأنها أن تبعد أذاه و شره.

و قد رأينا معركته مع ابن مطيع و أشراف الكوفة الذين انحازوا اليه بعد أن كانوا يقفون في صف الدولة الأموية. و الذين قاموا بقتل الحسين عليه السلام استجابة لأوامرها، و شهدنا المعارك الملحمية التي خاضها ضدهم بعد أن ظلوا مصرين علي مواقفهم بمناوئة أهل البيت و الوقوف الي جانب دولة الظلم مهما كان شكلها و اتجاهها، و كيف أنه انتصر عليهم في النهاية و هزمهم هزيمة ساحقة و ألجأ ابن مطيع و بعض أشراف الكوفة الي الهرب الي البصرة بعد أن لم يستطيعوا الثبات بوجهه و بعد أن قتل أعدادا كبيرة منهم في معارك طاحنة جرت في ساحات الكوفة و أزقتها.

و في هذا الوقت الذي صفا له فيه جو الكوفة، و هو الأمر الذي سيزعج عدويه اللدودين - ابن الزبير و ابن مروان - أيما ازعاج حاول القيام بعملية من شأنها الاطاحة بابن الزبير أولا، الا أن محاولته تلك لم تنجح بسبب مكيدة قام بها القائد الذي أرسله ابن الزبير الي المدينة.

و تفصيل الخبر: أن ان الزبير أرسل عمر بن عبدالرحمن بن هشام واليا من قبله علي الكوفة لمعرفة نوايا المختار الحقيقية تجاهه، و قد كان من الفطنة و العلم بشؤون المختار ما ادعاه للتشكك بأمره و الخوف منه رغم الرسائل التي كان يبعث بها


المختار اليه و يحاول طمأنته بها [1] . و هو يحاول مخادعته و كفه عنه حتي يستجمع له الأمر، علي حد تعبير الطبري.


پاورقي

[1] و من الرسائل التي کتبها اليه: (أما بعد، فقد عرفت مناصحتي اياک و جهدي علي أهل عداوتک و ما کنت أعطيتني اذا ما فعلت ذلک من نفسک، فلما وفيت لک و قضيت الذي کان علي، خست بي، و لم تف بما عاهدتني عليه، و رأيت مني ما قد رأيت، فان ترد مراجعتي أرجعک و أن ترد مناصحتي أنصح لک. و هو يريد بذلک کفه عنه، حتي يستجمع له الأمر...) الطبري 470 / 3 و ابن‏الأثير 50 / 4 و البلاذري / أنساب الأشراف 243 / 5.