بازگشت

اين الحسين محاسبة القتلة


و كان لعبدالله بن أسيد الجهني و مالك بن النسير البدي و حمل بن مالك المحاربي دور كبير في معركة الطف حيث شاركوا بقتل الحسين و أصحابه عليهم السلام و حرضوا الناس عليهم و كانوا يبدون حماسا كبيرا ليبدو حمام الدم الذي أعد له ابن زياد لا مثيل له. كانوا قتلة مباشرين و منفذين للجريمة، و لم يكن هناك من سبب يدعوهم لذلك، فهم من عوام الناس المغمورين، و لم يكد أحد من أقطاب الدولة و زعمائها يلتفت اليهم لو لا ما قاموا به. و لم تكن لهم امتيازات خاصة يخافون فقدانها


عندما تصدي الحسين عليه السلام لدولة الظلم التي كانت تستعبدهم هم أيضا مع عموم جماهير المسلمين.

و كان اندفاعهم و تحيزهم الواضح ضد الحسين و أصحابه غير مبرر و لم يكن هناك ما يدعوا اليه... فهل كانوا من آل أبي سفيان أو آل زياد و أو آل مروان حتي يبديا ذلك الاندفاع و ذلك الحماس اللذين ظهرا بهما أمام الناس؟

ان ظاهرة ابن أسيد و ابن النسير و ابن مالك تتكرر و تظهر في ظل دول الظلم المتعاقبة الي يومنا هذا، و في الوقت الذي تري فيه هذه الدول ضرورة تشجيع هذه النماذج لتحقيق أهدافها و مآربها، فان أي رافض للظلم يري ضرورة القضاء علي هذه الفئة و استئصالها، ليس بدنيا و حسب و انما يلفت نظر المجتمع اليها و تحذير الناس منها و توعيتهم بضرورة التزام خط الاسلام الذي يقود لدولة العدالة حتما، و حتي جزاء هؤلاء ينبغي أن يكون بمستوي الجرائم التي يرتكبونها.

بعث المختار من أخذ القتلة الثلاثة، (حتي أدخلهم عليه عشاء، فقال لهم المختار: يا أعداء الله و أعداء كتابه و أعداء رسوله و آل رسوله، أين الحسين بن علي؟ أدوا الي الحسين، قتلتم من أمرتم بالصلاة عليه في الصلاة.

فقالوا: رحمك الله، بعثنا و نحن كارهون، فامنن علينا و استبقنا.

قال المختار: فهلا مننتم علي الحسين ابن بنت نبيكم و استبقيتموه و سقيتموه؟

ثم قال المختار للبدي: أنت صاحب برنسة؟

فقال له عبدالله بن كامل: نعم هو هو.

فقال المختار: اقطعوا يدي هذا و رجليه، و دعوه فليضطرب حتي يموت، ففعل ذلك به و ترك، فلم يزل ينزف الدم حتي مات.

و أمر بالآخرين فقدما [1] .

يتكرر عذر القلة المنذفعين و السائرين بركاب حكام الجور دائما عندما تطالهم يد العدالة و يتخلي عنهم من كانوا يحمونهم. (بعثنا و نحن كارهون) (كنا مجبرين علي ذلك)، غير أن الكاره و المجبر لا يندفع ذلك الاندفاع الطائش المسعور الذي اندفع به


هؤلاد، و كأنهم يقتلون قتلة آبائهم أو أخوانهم أو أبنائهم أو كأنهم يدافعون عن ملكهم و سلطانهم لا عن ملك و سلطان من لا يمت اليهم بصلة و من يقوم بقهرهم و استعبادهم.

لقد تحدثنا عن هذه الظاهرة التي تتكرر في ظل دول الظلم و لا تزال تتكرر الي يومنا هذا [2] ، و استمعنا الي نفس الأعذار التي يبديها جنود مغمورون مندفعون وراء شعارات الحكام و أكاذيبهم المضللة، بعد أن يقعوا في الأسر.

و تكرر الأمر مع آخرين شاركوا بقتل الحسين عليه السلام و أصحابه أو أعانوا علي قتلهم مثل زياد بن مالك و عمران بن خالد و عبدالرحمن بن أبي خشكارة البجلي و عبدالله بن قيس الخولاني و عبدالله و عبدالرحمن ابنا صلخب و عبدالله بن وهب بن عمرو و عثمان بن خالد بن أسير الدهماني و بشر بن سوط القابضي و خولي بن يزيد الأصبحي (و هو صاحب رأس الحسين الذي جاء به) و حرملة بن كاهل الأسدي [3] و حكيم بن الطفيل السنبسي (و كان قد أخذ سلب العباس و رماه بسهم) و عمرو بن صبيح الصيداوي و زيد بن رقاد الذي قتل عبدالله بن مسلم بن عقيل و بجدل بن سليم الكلبي، الذي سلب خاتم الحسين و قطع أصبعه؛ و غيرهم.

و لم يزل المختار يتتبع قتلة الحسين و أصحابه حتي قتل منهم أعدادا كبيرة و هدم دور من انهزموا منهم ملتحقين بمصعب بن الزبير.


پاورقي

[1] الطبري 463 - 462 / 3

و قد مر بنا ما قام به مالک بن النسير البدي مع الحسين و أصحابه عليه ‏السلام من قبل.

[2] راجع ما کتبنا عن ذلک في هذا الکتاب الطبري 464 / 463 / 3 و البحار 323 - 322 / 45 و قد ذکر نقلا عن أمالي الطوسي عن المنهال بن عمرو قال: (دخلت علي علي بن الحسين منصر في من مکة، فقال لي: يا منهال:ما صنع حرملة بن کاهل الأسدي؟ فقلت: ترکته حيا بالکوفة. قال: فرفع يديه جميعا ثم قال عليه ‏السلام: اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر النار). قد لقي المنهال المختار في الکوفة و کان قد أخبر بمکان حرملة فوجه من يأتي به اليه ثم أمر بمن قطع يديه و رجليه ثم أمر بالقائه في النار. و قد أخبر المنهال المختار بدعوة الامام علي بن الحسين عليه ‏السلام علي حرملة فنزل عن دابته و صلي رکعتين فأطال السجود قم صام يومه ذاک شکر الله عزوجل من فعله.

[3] نفس المصدر.