بازگشت

اقاصيص و حكايات - سراقة بن مرداس


و من بين ركام الأحداث و الوقائع التي دارت بين المختار و أعدائه، طلع علينا أولئك الأعداء بقصة افتعل قسم منها لكي يدللوا علي (كذب) المختار و بطلان


(ادعاءاته) بخصوص (الوحي و الملائكة)، و هي قصة تدلل علي بطلان راويها و كذبه هو، و لعله افتعل ما افتعل منها ليتنصل مما فعله في بدايتها، و هو أمر لابد أن يؤاخذه عليه أعداء المختار لو لم يقم بذلك.

و ملخص القصة أن المختار أخذ بعد انتصاره علي أشراف الكوفة و أعوانهم في الكوفة سرافة بن مرداس أسيرا الي القصر بعد أن أسمعه هذا أبياتا يشيد فيها به [1] .

و حسبه ليلة، ثم أخرجه من الغد. فأقبل اليه و جعل ينشد:



ألا أبلغ أبااسحاق أنا

نزونا نزوة كانت علينا



خرجنا لا نري الضعفاء شيئا

و كان خروجنا بطرا و حينا



نراهم في مصافهم قليلا

و هم مثل الدبي حين التقينا



برزنا اذا رأيناهم فلما

رأينا القوم قد برزوا الينا



لقينا منهم ضربا طلحفا

و طعنا القوم قد برزوا الينا



لقينا منهم ضربا طلحفا

و طعنا صائبا حتي انثنينا



نصرت علي عدوك كل يوم

بكل كتيبة تنعي حسينا



كنصر محمد في يوم بدر

و يوم الشعب اذ لاقي حنينا



فأسجح اذ ملكت فلو ملكنا

لجرنا في الحكومة و اعتدينا



تقبل توبة مني فأني

سأشكر ان جعلت النقد دينا) [2] .



و القصة تبدو - الي هنا - عادية لا لبس فيها. فهذا الشاعر كان في صف أعداء المختار و قتلة الحسين. و قد وصف خروجهم علي المختار بأنه نزوة و بطر و حين مستهينين بالضعفاء من الناس الذين كان يقودهم.

و عندما أصبحت الكفة الي جانب المختار و تغلب علي أعدائه، أخذ هذا الشاعر يمدحه و يصف نصره علي عدوه كنصر الرسول صلي الله عليه و آله و سلم علي عدوه يوم بدر و حنين، و هي صورة شعرية تتكرر دائما علي ألسنة الشعراء، و قد وعد هذا الشاعر


بالتوبة و الكف عن نصرة أعداء المختار، ثم أخلي المختار سبيله و أتاح له فرصة الذهاب حيث أحب (.. فلحق بعبد الرحمن بن مخنف عند مصعب بن الزبير بالبصرة) [3] حيث التحق هناك كل الفارين من أشراف الكوفة و وجهائها.

و لابد أن أبيات سراقة قد فشت بين الهاربين، و لابد أنه كان سيعاقب عليها و لن يتيحوا له فرصة الانضمام اليهم، لو لا أنه زاد في قصته فصلا كاذبا.

و هنا يقول راوية آخر لهذه القصة، ان سراقة لما انتهي الي المختار قال له: (... سراقة بن مرداس يحلف بالله الذي لا اله الا هو لقد رأي الملائكة تقاتل علي الخيول البلق بين السماء و الأرض.

فقال له المختار: فاصعد المنبر فأعلم ذلك المسلمين، فصعد فأخبر هم ثم نزل. فخلا به المختار، فقال، اني قد علمت أنك لم تر الملائكة، و انما أردت ما قد عرفت الا أقتلك، فاذهب عني حيث أحببت، لا تفسد علي أصحابي) [4] .


پاورقي

[1] و هي:



امنن علي اليوم يا خير معد

و خير من حل بشحر و الجند



و خير من حيا ولبي و سجد)

(الطبري 460 / 3).

[2] المصدر السابق 461 - 460 / 3.

[3] نفس المصدر 461 / 3.

[4] نفس المصدر 461 / 3.