بازگشت

قصة مقتل شمر


و كانت قصة مقتل شمر، أشهر مجرمي واقعة الطف، مثيرة حقا، فقد بدا و كأنه هو الذي كان يسعي الي حتفه بعد هزيمة الأشراف و هربه مع بعض أصحابه من الكوفة.


فقد روي أن المختار بعث غلامه للبحث عن شمر، و قد استدرجه شمر بعد أن استطرد له و جعل نفسه يبدو كالهارب منه، ثم قتله عندما خلا به، و قد جعله ذلك لا يمعن في الهرب بعيدا و يغتر بقوته، فنزل في قرية من الكوفة يقال لها الكلتانية علي شاطي ء نهر الي جانب تل، فأخذ أحد سكانها من غير العرب فضربه و أمره أن يسلم كتابا كتبه الي مصعب بن الزبير، و عليه عنوانه واضحا (للأمير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن)، و قد أخذ الرجل الكتاب مرغما فمر بقرية أخري فيها أحد أصحابه، فأقبل يشكو اليه ما لقيه من شمر و الكتاب بيده و اسم شمر عليه واضحا.

كانت تلك القرية مسلحة فيما بين المختار و أهل البصرة، و كان أبوعمرة أحد أشهر أصحاب المختار و أشدهم مطالبة بدم الحسين عليه السلام هو القائم علي شؤون المقاتلين في تلك القرية، و قد رأي أصحابه الكتاب مع الرجل و عنوانه (لمصعب من شمر) فأخبر أباعمرة و سألوا الرجل عن مكان شمر فأخبرهم، و لم يكن يبعد عنهم كثيرا، فذهبوا لمحاصرته.

و قد حذر شمرا أحد أصحابه من البقاء في تلك القرية و طلب منه الانتقال منها، الا أن شمر ربما حسب أن المختار سيبعث اليه أحد غلمانه ليقتله كما قتل صاحبه و قد رفض اقتراح صاحبه و أقسم أن لا يتحول عن المكان الذي فيه ثلاثة أيام، فلم يشعر الا و قد أحيط به و قد أعجلوه أن يلبس سلاحه و ثيابه، و قد قاتلوه بعد أن خرج اليهم و طاعنهم برمحه ثم أخذ سيفه و قاتلهم، بعد لحظات ارتفعت صيحات مكبرة: الله أكبر، قتل الله الخبيث [1] .

مضي شمر دون أن يحقق غاية معينة في حياته، و كان أكبر همه أن يكون مقربا من السلطة الحاكمة و لا يهم أن يكون رأسها يزيد أو ابن الزبير، فهاجس التقرب ممن قد يمنحه الجاه و المال هو الهدف الرئيسي في حياته.


پاورقي

[1] الطبري 460 - 459 / 3 و البحار 374 - 373 / 45 و ابن‏الاثير 44 - 43 / 4.