بازگشت

اشراف الكوفة: شيمتهم الغدر


و أجمع رأي أشراف الكوفة علي قتال المختار و أخذوا يحرضون الناس علي ذلك، و قد تزعم تلك الحملة شبث بن ربعي و شمر بن ذي الجوشن و محمد بن الأشعث و عبدالرحمن بن سعيد بن قيس و حجار بن أبجر و زحر بن قيس و يزيد بن الحارث و عمرو بن الحجاج الزبيدي و استمالوا اليهم بعض الأشراف الآخرين و كانت حجتهم أنه - أي المختار (تأمر علينا بغير رضا منا، و زعم أن ابن الحنفية بعثه الينا، و قد علمنا أن ابن الحنفية لم يفعل، و أطعم موالينا فيئنا، و أخذ عبيدنا، فحرب بهم يتامانا و أراملنا، و أظهر هو و سبيئته البراءة من أسلافنا الصالحين...) [1] .

و قد حاول عبدالرحمن بن مخنف أن يثنيهم عن قرارهم ذاك الا أنهم أبوا الا الغدر بالمختار بعد أن بايعوه و أعلنوا طاعتهم له.

كانت مسألة مساواة الموالي لهم بالفي ء تشكل أكبر همومهم، فقد كان التصور الجاهلي الذي جعلهم يعتقدون أن جميع الناس دونهم و أنهم يتفوقون علي الكل حتي في ظل الاسلام و أحكامه و قيمه، لا يزال يتحكم في عقولهم، و قد أرساه فيها معاوية مرة أخري مستندا الي تصرفات سابقة من خلفاء سابقين [2] ، فتمادي في التفرقة بين


العرب و غيرهم الي حد جعل من تلك التفرقة أمرا مقدسا. و هو أمر لم تكن دوافعه تخفي علي المتتبعين لحياة معاوية و دراسي آثاره و حياته.

و قد أرسلوا شبث بن ربعي لمفاوضة المختار حول هذه المسألة و غيرها، فذهب و لقيه و ذكر له كل ما أنكره أصحابه و خصوصا مسألة مشاركة الموالي لهم بالفي ء، و كان المختار في غاية الذكاء عندما أجاب شبث، الذي كان يتمتع بمنزلة كبيرة بين أشرف الكوفة: (ان أنا تركت لكم مواليكم، و جعلت فيئكم فيكم، أتقاتلون معي بني أمية و ابن الزبير، و تعطون علي الوفاء بذلك عهد الله و ميثاقه و ما اطمئن اليه من الايمان؟

فقال شبث: ما أدري حتي أخرج الي أصحابي فأذاكرهم ذلك. فخرج فلم يرجع الي المختار.

و أجمع رأي أشراف أهل الكوفة علي قتال المختار) [3] .


پاورقي

[1] الطبري 455 / 3.

[2] أول من فرق في العطاء عمر بن الخطاب.. (ففضل السابقين علي غيرهم، و فضل المهاجرين من قريش علي غيرهم من المهاجرين، و فضل المهاجرين کافة علي الأنصار کافة، و فضل العرب علي العجم، و فضل الصريح علي المولي...) شرح نهج‏البلاغة - ابن أبي‏الحديد 111 / 8.

[3] الطبري 454 / 3.