بازگشت

اشراف الكوفة: نهج الخيانة


قدر (أشراف) الكوفة ممن كانوا قد شايعوا ابن زياد من قبل، أن يثبوا بالمختار بعد أن حسبوا أن أمره قد ضعف، الا أن الدائرة دارت عليهم و وثب بهم المختار فقتل من قدر عليهم منهم، و هرب بعضهم ملتحقين بابن الزبير.

و قد أضافوا لجرائمهم السابقة جريمة الغدر الجديدة التي لم يوفقوا بها و أعطت للمختار مبررا حقيقا لاستئصالهم و القضاء عليهم عندما بدأوا هم الحرب و أسفروا عن نواياهم الشريرة ضده.

كان المختار خبيرا بطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه و يتعامل معه، فالأشراف كانوا يجرون لاهثين وراء مصالحهم و امتيازاتهم و لا يهمهم من يكون حاكما عليهم مادام يدفع لهم و يضمن لهم تلك المصالح و الامتيازات و ان كانت علي حساب الآخرين.

و قد ظهرت مقابل تلك الطبقة المترفة المتنفذة الحريصة علي مصالحها و حياتها طبقة أخري من المسلمين المسحوقين الذين أصبح حرمانهم من الحياة الكريمة أمرا واقعا و قانونا عاما غير مكتوب، فلم يمنع كون هؤلاء مسلمين، تحرروا أو تحرر آباءهم من عبوديات سابقة، أن يتعرضوا للأذي و الاضطهاد علي يد نظام أخذ يتبني العروبة تبنيا عنصريا حتي جعلها فوق الاسلام، لأنه وجد فيها ما يضمن بقاءه و استمراره، فليس فيه من الاسلام ما يضمن بقاءه علي ذلك الاسلام. غير أن شعارات الولاء للعروبة و (أمجادها و مفاخرها و عزها) و قد نهضت و عزت في ظل الاسلام


و تغلبت علي غيرها علي هذا الأساس، أخذت ترتفع علي أساس جاهلية جديرة برأس النظام معاوية و من جاء بعده، حتي انه فكر في وقت ما باستئصال و قتل نصف المسلمين من غير العرب و تسخير الآخرين للخدمات الدنيا، لكي تقوي نفوذ دولته (العربية) و يستقطب حول عرشه كل أولئك الذين كانوا يجدون في الاسلام حاجزا دون طموحاتهم و مصالحهم غير المشروعة.

و قد وجد هؤلاء دائما المبررات التي يحاربون بها المسلمين من غير العرب و يضطهدونهم و هيأوا الاتهامات الكاذبة ضد هم و هو ما أوجد ثغرة كبيرة ظلت باقية الي الآن بين المسلمين العرب و غيرهم و سببت انشقاقا غير مبرر بينهم، و هو مسعي خبث لعب دوره في شق وحدة المسلمين و صفوفهم علي امتداد التاريخ.

و لسنا بصدد بحث تاريخي حول هذا الموضوع، مع ان دولا مستحدثة تدعي أن دستورها الاسلامي لا زالت ترفع الشعارات الأموية العروبية و تصم غيرها من دول الاسلام و شعوبه بصفات تبدو فيها و كأنها بعيدة عن الاسلام و انها لا زالت علي دياناتها القديمة التي انقرضت و بادت [1] .


پاورقي

[1] و في مقدمة هذه (الدول) النظام) البعثي في العراق الذي لم يقيم علي أي أساس اسلامي و جاء يحارب الاسلام علي أسس متطورة زوده بها أعداء الاسلام، فقد حاول ان يصم المسلمين ممن يعيشون في الجمهورية الاسلامية الايرانية بأنهم من (الفرس المجوس) و هو ما يبدو خرافة أمام انقراض المجوسية عند مجي‏ء الاسلام، غير ان هذا الاتهام يبدو سلعة ذات فائدة کبيرة عند غياب الوعي و الفهم الصحيح للاسلام، و هو ما سعي له البعثيون اذ سعوا لابعاده عن الحياة تماما و عاقبوا کل من يتمسک به عن وعي.