بازگشت

المختار يحاصر قصر الامارة


و كما كان أشراف الكوفة من قبل - محصورين في القصر مع ابن زياد - و قوات مسلم تحيط بهم، و هم يقلبون الرأي و يلتمسون أفضل الطرق لفك الحصار عنهم حتي نجحوا في ذلك، صاروا الآن محصورين مع ابن مطيع و قوات المختار تحيط بهم، و ما استطاعوا تحقيقه مع أصحاب مسلم من قبل لم يستطيعوا تحقيقه مع أصحاب المختار الآن... و لم يستطيعوا الا أن يشيروا علي ابن مطيع بالاستسلام و أخذ الأمان له و لأنفسهم من المختار، و قد تقدم بهذا الاقتراح شبث بن ربعي و أيده في ذلك أسماء بن خارجة و عبدالرحمن بن مخنف و عبدالرحمن بن سعيد بن قيس و أشراف أهل الكوفة.

و بعد حصار دام ثلاثة أيام استجاب ابن مطيع لرأيهم بعد أن وجه اليهم كلمة مدحهم فيها و حمل مسؤولية الثورة (الأراذل و السفهاء و الطغام و الأخساء) [1] و خرج من القصر حتي أتي دار أبي موسي، و فتحوا بدورهم باب القصر طالبين الأمان من ابن الأشتر الذي كان يتولي عملية الحصار، و خرجوا الي المختار فبايعوه ماداموا قد حسبوا أنهم ضمنوا سلامتهم.


لقد بايعوا من قبل أميرالمؤمنين عليه السلام، ثم بايعوا معاوية و يزيد، ثم بايعوا الحسين عليه السلام و نكصوا عنه و جددوا البيعة ليزيد و بايعوا ابن الزبير ثم ها هم يبايعون المختار. كانت بيعتهم سلعة يتداولونها و لم يكونوا حريصين علي الوفاء بها الا بالقدر الذي يحرصون فيه علي مصالحهم و امتيازات الخاصة

و ما نحسب أن المختار لم يكن بعيد النظر و علي درجة من الوعي لا تتيح له تفهم موقف هؤلاء و التعامل معهم وفق ما كان يمليه الظرف الدقيق الذي كان يمر به.


پاورقي

[1] و هي دعاوي تتردد في کل وقت يثور فيه الناس علي حکامهم الفاسدين الذين يتهمونهم بأنهم من الغوغاء و الرعاع و غير ذلک من النعوت التي يقصدون بها الحط من شأنهم و شأن ثوراتهم، أما الحکام المتنعمين المترفين الذين لا يسمعون الا کلمات الاطراء و المديح فهم بنظر أنفسهم طبقة منتقاه من السادة المهذبين الطيبين جديرة بأن تبقي تحکم و تستأثر بکل شي‏ء. و ان الخارج عليهم خارج علي الشريعة و القانون.