بازگشت

قانون دولة الظلم


و كان ضمن قادته رجال حاذقون أدركوا أن الظلم الذي لحق بالناس علي أيدي الطغمة الأموية بالأمس و التي انقلبت اليوم الي زبيرية، سيكون هو دافعهم للتخلص منها و مواجهتها بصلابة و ثبات [1] ؛ و قد أكدوا بخطبهم الحماسية التي ألقوها خلال المعركة هذا المعني مما كان له أكبر الأثر في لفت جماهير الكوفة الي حقيقة الظلم الذي تعرضت له من قبل و يحتمل أن تتعرض له فيما بعد.

و كانت اشارة ابن أنس الذكية الحاذقة تشير الي حالة تتكرر في دول الظلم المختلفة مهما كان لونها و شكلها و العصر الذي تشكلت فيه. انها دول تحاول حماية مصالح أسيادها و ملوكها بشتي الأساليب و المتهم بنظرها مجرم و لا داعي لاثبات براءته، بل ان القضاء علي من تشك بولائهم لها يمثل أسهل و أسلم الطرق بنظرها؛ و هكذا تعتمد قانون الشك و الظن و أخذ القريب بالبعيد و الولي بالولي و تعمد الي قانون


العسف المنفلت و البعيد عن القوانين السماوية أو حتي تلك التي تنسجم مع العدالة الانسانية.

و في ظل (قانون) كهذا يتعرض فيه المرء في كل لحظة للدمار و الاهانة حتي و لو لم يواجه سلطة الظلم مواجهة عسكرية أو سياسية أو فكرية، ماذا يملك أن يفعل اذا ما أتيحت له فرصة الخلاص و الثورة؟ انه سيثور حتما، خصوصا اذا ما وجد أمامه قضية عادلة واضحة، و أية القضية أعدل و أوضح من تلك التي رفعها المختار و أصحابه بمواجهة العصابة التي أقدمت علي قتل الحسين عليه السلام تلك القتلة المريعة و أباحت دمه و ماله و سبت عياله رغم علمها بموقفه من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و من المسلمين؟.

ان تلك العصابة توشك أن تتغلب ثانية علي الكوفة و تلبس رداء زبيريا بدل الرداء الأموي ريثما تستجمع أنفاسها و تري من توالي في النهاية بعد انكشاف الوضع، و لابد للمظلومين من كل فئات المسلمين العرب و غيرهم أن يثوروا عليها لتخليص أنفسهم منها. لأنها ستعاقب الجميع اذا ما استتبت الأوضاع لصالحها، و عقوبة القائم يوجهها كعقوبة القاعد، فعلام القعود اذا؟!


پاورقي

[1] و من هؤلاء يزيد بن أنس الذي ولاه المختار خيله، حيث خطب من أصحابه قائلا: (يا معشر الشيعة، قد کنتم تقتلون و تقطع أيديکم و أرجلکم، و تسمل أعينکم، و ترفعون علي جذوع النخل في حب أهل بيت نبيکم، و أنتم مقيمون في بيوتکم و طاعة عدوکم. فما ظنکم بهؤلاء القوم ان ظهروا عليکم اليوم! اذا و الله لا يدعون منکم عينا تطرف، و ليقتلنکم صبرا، و لترون منهم في أولادکم و أزواجکم و أموالکم ما الموت خير منه. و الله لا ينجيکم منهم الا الصدق و الصبر و الطعن الصائب في أعينهم، و الضرب الدارک علي هامهم فتيسروا للشدة و تهيئوا للحملة...) الطبري 444 - 443 / 3 و هي اشارات حاذقة دقيقة تکشف حقيقة الظلم الذي تعرضوا له من قبل مع أنهم يواجهوا دولة الظلم الأموية أو يحاربوها، و کان کل ذنبهم انهم يکنون الحب و الولاء لأهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و قد فعلت أمثال هذه الخطب فعلها لحثهم و تشجيعهم علي القتال.