بازگشت

يا شرطة الله انزالو...


كانت الدولة تجند أعوانها شرطة يدافعون عن ولي أمرهم و مثلهم الأعلي رئيس الدولة الذي يرون أنه ولي نعمتهم و مصدر رزقهم و سبب حياتهم، لأنه يدفع لهم أجورهم بسخاء.. و قد اتسع اعتماده عليهم و اعتمادهم عليه، و كان ارتباطهم به يفوق ارتباطهم و عقيدتهم، و كانت المسألة، مسألة ارتزاق و تبادل خدمات و منافع.

مقابل شرطة الدولة، نزلت (شرطة الله)، و هي تسمية ربما كان أول من أطلقها ابراهيم بن الأشتر علي المقاتلين الذين واجهوا أعوان ابن مطيع، و هم نفس المرتزقة الذين وقفوا في صف ابن زياد لمواجهة الامام الحسين عليه السلام و قتله. أهاب بهم ابن الأشتر في احدي المواجهات الحاسمة قائلا: (يا شرطة الله، انزلوا، فانكم أولي بالنصر من الله من هؤلاء الفساق الذين خاضوا دماء أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم...) [1] و هو نداء لقي نجاحا و استحسانا من أولئك المقاتلين الشجعان الذين اندفعوا بحماس لتقال عدوهم و طرده، و ظلت تلك التسمية (شرطة الله) تطلق علي مناصري المختار، و لعلها كانت رد فعل علي من جعلوا أنفسهم شرطة للظالم، يطيعونه اطاعة عمياء دون نقاش أو تأمل مادام يدفع لهم. أما هؤلاء فقد جعلوا من أنفسهم شرطة لله لا يريدون الا وجهه و جزاءه و مثوبته.

و نلاحظ أن هذه التسمية (شرطة الله) قد سادت أيام المختار و شملت كل من انضموا اليه و قاتلوا تحت لوائه، و قد وجدوا فيها من الطرافة قدرا يفوق ذلك الذي و جدوه من المرادة و الألم و التفرقة و القسوة التي لقوها في ظل دولة الظلم الأموية التي استعدت عليهم أعوانها و مرتزقتها و شرطتها.... و قد أخذوا يواجهونهم الآن هذه المواجهة الحاسمة التي ستزيح كل هذه المرارة و الألم من قلوبهم.

استطاع المختار و صاحب ابن الأشتر أن يتغلبا علي أعدائهما من قادة ابن مطيع


الزبيري اليوم و قادة ابن زياد الأموي بالأمس مثل شبث بن ربعي و حجاز بن أبجر و شمر بن ذي الجوشن و التف حول ابن مطيع كل قادته المهزومين الذين بذلوا كل جهودهم لنصرته و جعله يتغلب علي عدوه و عدوهم المختار و حشدوا آلافا من أنصارهم و مؤيديهم للتصدي له في ليلة بدت حاسمة.

غير أن المختار بالأعداد القليلة التي كانت معه استطاع وضع خطط حاذقة و الصمود بوجوه أعدائه بل و التغلب عليهم بعد ذلك.


پاورقي

[1] الطبري 441 / 3.