بازگشت

التوابون خميرة الأنصار للأخذ بالثأر


و هكذا كتب و هو في السجن الي قائد التوابين العائد من عين الوردة، رفاعة بن شداد: (... أما بعد، فمرحبا بالعصب الذين أعظم الله لهم الأجر حين انصرفوا، و رضي انصرافهم حين قفلوا. أما و رب البنية التي بني، ما خطا خط منكم خطوة، و لا رتا رتوه، الا كان ثواب الله له أعظم من ملك الدنيا.

ان سليمان قد قضي ما عليه، و توفاه الله فجعل روحه مع أرواح الأنبياء و الصديقين و الشهداء و الصالحين،و لم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون. اني أنا الأمير المأمور، و الأمين المأمون، و أمير الجيش، و قاتل الجبارين و المنتقم من أعداء الدين، و المقيد من الأوتاد، فأعدوا و استعدوا، و أبشروا و استبشروا. أدعوكم الي كتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله و سلم و الي الطلب بدماء أهل البيت و الدفع عن الضعفاء، و جهاد المحلين...) [1] .

و هي رسالة من شأنها أن تطيب خواطر العائدين المنكسرين الذين واجهوا عدوهم تلك المواجهة الانتحارية الباسلة، فأبيدوا و لم يبق منهم الا هذه القلة العائدة.

و لعلهم، و من بقي من التوابين الذين لم يلتحقوا بسليمان، حينما بطمئنوا الي وجود قيادة حاذقة قوية مثل قيادة المختار، سيفكرون بالالتحاق به حينما يقرر الوثوب بوجه دولتي الظلم القائمتين و سيكونون نواة لجيش قوي جدير بالمواجهة المقبلة.


أية سعادة سيشعر بها أولئك العائدون عندما يجدون أمامهم قيادة حازمة تفكر تفكيرا عمليا واعيا و تدعوهم الي كتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله و سلم و الطلب بدماء أهل البيت و الدفع عن الضعفاء و جهاد المحلين.

و هي دعوة ستجد صداها أيضا بين طبقة مستضعفة واسعة، هي طبقة الموالي و العبيد الذين دفعهم الاسلام و أراد تحريرهم من قيود الفقر و التفرقة و العبودية الا أنهم رزحوا في ظل الدولة الأموية تحت العديد من القيود التي أعدتها لهم هذه الدولة، و كانت دعوة المختار لانصافهم و الدفع عنهم جديرة بجعلهم يقفون في صفه، كما فعلوا، و أبلوا بلاء حسنا في المعارك التي خاضها ضد أعدائه.

و لا يوجد في رسالته ما يدل علي أنه كان يحاول أن يوحي اليهم أن يعلم الغيب، كما يروج لذلك الناقمون عليه من الحزبين الأموي و الزبيري مما انتشر بعد ذلك بين أوساط الناس، و لا يوجد فيها الا الحماس و الثقة بعدالة قضيه، و هو ما أراد أن ينقله الي الآخرين.


پاورقي

[1] الطبري 421 - 420 / 3.