بازگشت

دراسة حال الكوفة في ظل المتغيرات الجديدة


أخذ المختار يسأل عن حال الناس في الكوفة و هيئتهم قبل أن يقرر العودة اليها ثانية، و قد اختمرت في رأسه فكرة الثأر الآن و أصبحت هدفا وحيدا رأي أن يكرس له بقية حياته، حتي اذا فعل ذلك لم يكبر عليه زوال الدنيا و لم يحفل بالموت اذا أتي، علي حد تعبيره.

و من المؤكد أنه كان يعلم بتوجهات أهل الكوفة و ميولهم منذ البداية و كان يعلم أنهم قد غلبوا علي أمرهم و أجبروا علي الاستجابة لدولة الظلم و الخضوع لها، حتي أنها جعلت منهم أداة لتنفيذ جريمتها في كربلاء. رغم أنهم كانوا علي و شك النهوض و الثورة بوجهها مع الامام الحسين عليه السلام.

و لم تكن هذه الجريمة لتمر أن يراجع أهل الكوفة أنفسهم و يحاسبوها و يعلنوا ندمهم السريع في أعقابها مباشرة و استعدادهم للتفكير عنها و لو تقبل أنفسهم، كما مر بنا في حالة التوابين الذين أقدموا بجرأة رغم قلة عددهم علي مواجهة الجيش الأموي الذي كان يتفوق عددا وحددا و نالوا منه و أوقعوا خسائر جسيمة في صفوفه رغم أنهم استشهدوا في النهاية و لم يعد منهم الا عدد قليل و اصل المسيرة مع المختار فيما بعد.

و كان الوقت الذي ظهر فيه المختار يشير الي عدم وجوه قيادة حقيقية متمكنة تستطيع جمع المسلمين تحت مظلتها رغم وجود قيادتين طموحتين أرادتا جذب الناس اليهما و ان بدتا في الواقع تعملان لصالح نفسيهما و ليس لصالح المسلمين و ان رفعتا بعض الشعارات البراقة، و خصوصا قيادة ابن الزبير الذي بدا زاهدا مترهبا مع أن


طموحاته لم تكن تختلف عن طموحات من سبقوه و عاصروه من الحكام الأمويين...

لم يجد المختار نفسه مضطرا للسكوت أو الاستسلام اذا ما أتيحت له فرصة مواجهة هاتين القيادتين غير الشرعيتين، قيادة ابن الزبير التي تخلت عن أهدافها و شعاراتها الأولي و قيادة مروان و ابنه عبدالملك التي لم تكلف نفسها حتي عناء التباكي علي مصلحة المسلمين و رفعة الاسلام. بل وجد أن من واجبه أن يدعم القيادة الحقيقية المتمثلة بأهل البيت عليهم السلام و ان لم يكلفه أحد في الظاهر للقيام بمجابهة عسكرية أو سياسية مع أي من القيادتين للظرف الدقيق الذي كان يمر به الامام علي بن الحسين عليه السلام و موالده و للمهمات الدقيقة التي أخذ علي عاتقه القيام بها لانقاذ الاسلام و استمرار ديمومته و بقائه بعيدا عن الانحراف و التزوير.