بازگشت

كان المختار من أشد المدافعين عن البيت الحرام في حصار مكة الأول


و في حصار مكة الأول دويت حكايات عديدة عن استبسال المختار في الدفاع عن بيت الله الكريم، فعند اشتداد الحصار و مقتل بعض المدافعين عن البيت أخذ ينادي (يا أهل الاسلام الي الي. أنا ابن أبي عبيد بن مسعود، و أنا ابن الكرار لا الفرار، أنا ابن المقدمين غير المحجمين، اني يا أهل الحفاظ و حماة الأوتار، فحمي الناس يومئذ و أبلي و قاتل قتالا حسنا.

ثم أقام مع ابن الزبير في ذلك الحصار حتي كان يوم أحرق البيت، سنة أربع و ستين، فقاتل المختار يومئذ في عصابه معه نحو من ثلاثمائة أحسن قتال قاتله أحد من الناس، ان كان ليقاتل حتي يتبلد، ثم يجلس و يحيط به أصحاب، فاذا استراح نهض فقاتل، فما كان يتوجه نحو طائفة من أهل الشام الا ضاربهم حتي يكشفهم...

فما كان يومئذ رجل أحسن بلاء من المختار) [1] .

و قد بايع ابن الزبير علي الموت دفاعا عن الكعبة بما فعل آخرون معه، الي أن هلك يزيد و فر أهل الشام من مكة [2] ، و بعد فرار أهل الشام لم يجد المختار في ابن


الزبير قائدا كيسا جديرا بأن يتولي أمور المسلمين، و كان موقفه من حصين بن نمير الذي عرض عليه أن يذهب معه الي الشام فيبايعه و يبايعه أهل الشام هناك، قد لفت أنظار المختار، و كان جوابه الذي لا يدل علي فطنة و وعي قد أثبت له أنه أمام انسان عصبي المزاج لا يتمتع بأقل قدر من الكياسة و بعد النظر، و انه جدير بالفشل و السقوط السريع، و ان كان يبدو في تلك اللحظات و كأنه يجني ثمار نصر علي يزيد الذي مات حتف أنفه، و حتي طريقة الجواب كانت جديرة بأن تجعله يعتقد بأنه انسان لا يصلح لما كان يطمح اليه بل حتي لأقل منه.


پاورقي

[1] الطبري 403 / 3 و ابن‏الأثير 494 / 3 و ذکرانه (کان أشد الناس علي أهل الشام).

[2] روي أبوعبيد في الحجاج عن أبي‏معشر قال: (حدثنا بعض المشيخة الذين حضروا قتال ابن‏ الزبير، قال: غلب حصين بن نمير علي مکة کلها الا الحجر، فوالله اني لجالس عنده و معه نفر من القرشيين: عبدالله بن مطيع، و المختار بن أبي‏عبيد، و المسور بن مخرمة، و المنذر بن الزبير، اذ همت رويحه، فقال المختار: و الله أني لأري في هذه الرويحة النصر، فاحملوا عليهم، فحملوا عليهم حتي أخرجوهم من مکة، و قتل المختار رجلا، و قتل ابن‏مطيع رجلا. ثم جاءنا علي اثر ذلک موت يزيد بعد حريق الکعبة باحدي عشرة ليلة...) العقد الفريد 142 / 5.