محمدبن الحنفية:حلقة الوصل بين الامام زين العابدين و أتباع خط أهل البيت
و كان محمد بن الحنفية هو حلقة الوصل تلك بين الامام زين العابدين الذي بدا و كأنه قد انصرف تماما لارساء دعائم مدرسة أهل البيت التي توشك أن تختفي تحت و طأة أعدائهم، و أنه انصرف للدعاء و الحزن علي أبيه و أصحابه عليهم السلام.
و كان ابن الحنفية يدرك ضرورة تجنيب الامام ذلك الجو العاصف الذي ما كان يتورع فيه أعداء أهل البيت من الأمويين و الزبيريين عن الحاق أشد الأذي به، بل وقته و استئصاله و ملاحقة كل شيعته و أتباعه. و قد بدا و كأنه يدعو لنفسه و كأن جماعة قد تبنت مذهبا خاصا به و قد دعت نفسها بالكيسانية [1] ... و قد رأينا كيف أنه و ابن عباس
قد واجها ابن الزبير تلك المواجهة العاصفة التي انتهت بأن وضع ابن الزبير محمد بن الحنفية في سجن عارم و قد أراد احراقه عليهم و علي بعض أصحابه من العلويين و غيرهم لو لم يرسل المختار من يخرجهم منه بالقوة.
پاورقي
[1] و قد ذکر ان (المختار هو الذي الناس الي محمد بن علي بن أبيطالب عليه السلام، ابنالحنفيه، و سقوا الکيسانية و هم المختاريه، و کان لقبه کيسان، و لقب بکيسان لصاحب شرطه المکني أباعمره، و کان اسمه کيسان. و قيل انه سمي بکيسان مولي علي بن أبيطالب، و هو الذي حمله علي الطلب بدم الحسين عليه السلام و دله عل قتلته، و کان صاحب سره و الغالب علي أمره، و کان لا يبلغه عن رجل من أعداء الحسين أنه في دار أو موضع الا قصده و هدم لدار بأسرها...) البحار 345 / 45 و ذکر غير ذلک. و من المعلوم ان الکيسانية لم تکن فرقة أو مذهبا ذا أثر معروف، و لعل موالاة المختار لمحمد بن الحنفية، و خطه الأکثر ظهورا و کانت له مواقف معروفة ضد ابن الزبير، هو الذي جعل الناس تعتقد ان ابنالحنفية کانت له دعاة من أمثال المختار.
و قد حير موقف الامام زين العابدين عليه السلام المعلن من المختار، و کذلک موقف محمد بن الحنفية العديدين من الکتاب و المؤرخين و رأوا ان المختار کان (کاذبا فاجرا) طالما ان الامام لم يؤيده صراحه و لم تصدر منه تصريحات واضحة تحقه الا فيما بعد، کما حيرهم عدم تصريح محمد بن الحنيفة بحقيقة رأيه فيه و غموض موقفه حوله: (حاول المختار أن يضع علي حرکته رداء أهل البيت، فکتب الي علي بن الحسين يريد أن يبايعه، و لکن علي بن الحسين أبي أن يقتل منه ذلک، و أظهر کذبه و فجوره و دخوله علي الناس باظهار الميل ال آل أبيطالب فلما يئس المختار من علي بن الحسين، کتب الي عمه محمد بن الحنفية يريده علي مثل ذلک، فأشار عليه علي بن الحسين ألا يجيبه الي شيء من ذلک، فأن الذي يحمله علي ذلک اجتذابه لقلوب الناس بهم، و تقربه اليهم بمحبتهم، و باطنه مخالف ظاهره في الميل اليهم و التولي لهم و البراءه من أعدائهم بل هو من أعدائهم لآمن أوليائهم و الواجب عليه ان يشهر أمره و يظهر کذبه، و أتي محمد بن الحنفية ابن عباس يستشيره في هذا الأمر فأوصاه بالسکوت) معالم الفتن 329 / 328 / 2 و حرکة المختار دليل عظيم علي أن أل البيت لا يرکبون باطلا ليصلوا به الي حق، فلو کانوا طلاب دنيا لهرولوا الي المختار، في وقت کان البيت الأموي يعيد ترتيب أوراقه و أوتاده، لکنهم لم يفعلوا ذلک، لان الدين لا يخضع للتجارة) المصدر السابق 330 - 329 و ربما فاتت الکاتب الأسباب التي دعت الامام علي بن الحسين عليه السلام لرفض الواجهة السياسية و العسکرية مع الدولتين الأموية و الزبيرية و قد تحدثنا عنها في هذا الفصل من الکتاب و ذکرنا بعضها.