بازگشت

المختار: لم يكن المتهم الوحيد


علي أننا لو درسنا تاريخنا دراسة متتبعة مستفيضة لوجدنا أن المختار لم يكن الشخص الوحيد الذي اتهم بالكذب و الطمع و الحسد و غير ذلك مما لم يكن فيه فعلا،


بل ان رجالا في مقام عال لا يمكن أن يتطرق اليهم الشك مطلقا كأميرالمومنين عليهم السلام و أولاده عليه السلام قد تعرضوا لحملة من التشويه و الاتهامات الظالمة، و هو أمر لا نستغرب حدوثه في جو مشحون بالأطماع و الدسائس و الولاءات المتنافرة.

(... حدث الأعمش قال: رأيت عبدالرحمن بن أبي ليلي ضربه الحجاج و أوقفه علي باب المسجد، فجعلوا يقولون له: العن الكاذبين: علي بن أبي طالب و عبدالله بن الزبير و المختار بن أبي عبيد.

فقال: لعن الله الكاذبين، علي بن أبي طالب و عبدالله بن الزبير و المختار بن أبي عبيد - بالرفع - فعرفت حين سكت، ثم ابتدأ فرفع انه ليس يريدهم....) [1] .

فالحجاج كان يريد بأية وسيلة الصاق تهمة الكذب بأعداء الأمويين، و لا فرق عنده في ذلك بين أميرالمؤمنين أو ابن الزبير أو المختار، فالكل أعداء يجب النيل منهم و التقليل من أهميتهم بنظر المسلمين، و الوحيد الذي يجب أن ينظر بعين الاحترام هو سيده الحاكم الأموي.

و موضوع الصاق الاتهامات و توجيهها لمن لا يستحقها ليست أمرا جديدا غير معروف و انما هو أمر مألوف أصبح مساغا لدي العديدين و قد ألفوه و اعتادوا عليه، بل و ربما برروه بمقتضيات السياسة و ضرورة حفظ السلطان.

و مهما يكن من أمر، فلابد من تدبر أمر الروايات التي أرادت الطعن بالمختار و تشويه سمعته، لابراز حركته في النهاية و كأنها حركة انتهازية لم يقم بها سوي هذا (الكذب) و سوي حفنة من (و ضعاء اهل الكوفة و سفلتها من الموالي و أعداء العرب)، و من ثم التقليل من أهمية النتفاضة الكوفة بوجه قتلة الحسين عليه السلام و محاولتها العودة الي خط أهل البيت عليهم السلام رغم وجود طرفي النزاع القويين نسبيا، و تنحي الامام زين العابدين عليه السلام عن الصراع السياسي في تلك الفترة العاصفة.


پاورقي

[1] العقد الفريد 291 / 5.