بازگشت

اكاذيب و أضاليل


ونحسب أن ما يقال هنا هو احدي الحلقات التي يراد منها اكمال السلسلة التي أريد بها تطويق المختار الذي كان ضحية للدعايات الأموية و الزبيرية طيلة فترة طويلة، حتي أصبح الكثيرون من المحدثين، و منهم من الموالين لأهل البيت عليهم السلام، يعتقدون بصحتها و يترددون بشأن سلامة مواقفه و ولائه لأهل البيت.

علي أن تلك لم تكن المرة الأولي التي يتعرض فيها المختار للطعن و التشويه، فقد وردت رواية أخري يبدو الضعف فيها ظاهرا، و لعل واضعها لم يعتن بسألة عمر المختار و قد ذكر أنه كان غلاما شابا مع أن عمره كان أربعين عاما، لأن الزمن الذي ذكر أنها وقعت فيه سنة أربعين للهجرة.

فقد روي أن الحسن عليه السلام عندما كان في المدائن أثر تفرق جيشه و محاولة بعض الناس نهب سرادقه حتي نازعوه بساطا كان تحته (و كان عم المختار بن أبي عبيد عاملا علي المدائن، و كان اسمه سعد بن مسعود، فقال له المختار و هو غلام شاب: هل لك في الغني و الشرف؟ قال: و ما ذاك؟

قال: توثق الحسن و تستأمن به الي معاوية.

فقال له سعد: عليك لعنة الله، أثب علي ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأوثقه، بئس الرجل أنت) [1] .


هل يعقل أن يقترح المختار هذا الاقتراح، ثم يذهب ليجالس محمد بن الحنفية و يأخذ عنه الأحاديث؟ و هل وجد في سيرته ما يؤيد هذا التوجه الغادر؟

كان ذلك الفعل أجدر بالمغيرة بن شعبة أو عمرو بن العاص أو مروان، أما أن يقوم به رجل أعلن ولاءه لأهل البيت عليهم السلام و حزنه الكبير لمصرع الحسين ثم مات تلك الميتة البطولية و هو يقاوم أعداءهم و قتلتهم مع أن بامكانه أن يساوم و ينجو، فهو أمر بعيد عن التصديق.

أتري أنه يقدم علي ذلك ثم يترحم عليه الامام زين العابدين و بعض الأئمة عليهم السلام؛ بعد وفاته و ميتته الكريمة تلك في الكوفة...؟


پاورقي

[1] الطبري 165 / 3 و ورد في الکامل لابن‏الأثير 271 / 3 ان المختار قال لعمه: (تستوثق من الحسن و تستأمن به الي معاوية...) و من المعلوم ان معظم روايات ابن‏الأثير مأخوذه من الطبري. و قد أو ضحنا بطلان المزعم الواردة في هذه الرواية.

(روي عن النضر بن صالح قال: (کان الشيعة تشتم المختار و تعتبه لما کان منه في أمر الحسن بن علي يوم طعن في مظلم ساباط، فحمد الي أبيض المدائن...) الطبري 400 / 3 و هو خبر لابد من تأمله أيضا، اذ أنهم لو کانوا قد شتموه، لما ساروا وراءه و لما لقي منهم ذلک التأييد الکبير، و مع ذلک فلم نجد و الزبيريين في أوقات لاحقه، خصوصا و ان معظم هذه الحوادق لم تدون في حينها.