بازگشت

موضوعات أموية


فقد روي أنه لما عاد الي الكوفة (ركب مع المغيرة يوما فمر بالسوق، فقال المغيرة: يا لها غارة، و يا له جمعا! اني لأعلم كلمة لو نعق لها ناعق، و لا ناعق لها لاتبعوه، و لا سيما الأعاجم الذين اذ ألقي اليهم الشي ء قبلوه!


فقال له المختار: و ما هي يا عم؟

قال: يستأدون بآل محمد!

فأغضي عليها المختار، و لم يزل ذلك في نفسه. ثم جعل يتكلم بفضل آل محمد و ينشر مناقب علي و الحسن و الحسين عليهم السلام، و يسير ذلك و يقول: انهم أحق بالأمر من كل أحد بعد رسول الله. و يتوجع لهم مما نزل بهم) [1] .

و دلائل الحال تشير الي أن هذه الرواية موضوعة. فالمختار كان مع عمه، عامل أميرالمؤمنين علي المدائن، و عندما استشهدوا أميرالمؤمنين عليه السلام و استتب الوضع لصالح معاوية، و عين المغيرة علي الكوفة رحل المختار الي المدينة، اذ ربما يسستهدف بالأذي أو القتل. و يبدو أن سياسة المغيرة التي اتسمت (بالمرونة) في الكوفة جعلته يعود اليها، و ما نحسب أنه كان علي علاقة وثيقة به بحيث يفضي اليه هذا أفكاره علي انفراد و يحفزه علي أمره من شأنه الاضرار بدولة معاوية التي يمثلها هو.

و ما نحسب أن المختار كان مجرد شاب قليل التجربة يتلقي الأفكار الجاهزة ليضمر العمل بها في المستقبل؛ فهو قد تجاوز الأربعين من عمره في الفترة التي كان فيها المغيرة واليا علي الكوفة. (و كان يجالس محمد بن الحنفية، و يأخذ عنه الأحاديث) [2] . و كلنا نعلم أن محمدا كان من الداعين لنهج والده و أخويه عليه السلام و استمر علي ولائه لهم و لابن أخيه زين العابدين عليه السلام، و لم يكن ينادي بالأمر لنفسه أو يطمح بأمر من أمور الخلافة و الحكم.. و كانت جميع مواقفه منذ مطلع حياته تدل علي استيعابه لنهج والده و طاعته الكبيرة له. و لابد أنه كان مصدرا موثوقا لعلوم أهل البيت عليهم السلام طالما أنه كان نتاج تربيتهم و اعدادهم، و لعل الفترة التي أمضاها معه المختار و يجالسه و يأخذ عنه الأحاديث، قد جعلت هذا الأخير بما يتمتع به من ذكاء كبير، دلت عليه مواقفه فيها بعد، اذ لم يشر أحد اشارة واضحة الي ماضيه، سوي النتف القليلة التي ذكرت لنا و التي لا تكاد تعنينا اذا ما أردنا دراسة حياته الماضية، يستفيد الي حد بعيد من ذلك و يدرك أن منهج أهل البيت عليهم السلام هو المنهج الوحيد الجدير بالاتباع، لأنه يعبر عن منهج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و يوصل اليه. كما أن الفترة التي أمضاها مع عمه، ممثل أميرالمؤمنين في المدائن، و هو من محبيه و الداعين اليه، لم


تكن لتذهب عبثا دون يعرف المختار شيئا من فضائل أهل البيت عليهم السلام.... و تجعل دوافعه لنشر فضائلهم هو تلميحات المغيرة بن شعبة و حسب.


پاورقي

[1] نفس المصدر 352 / 45.

[2] نفس المصدر 352 / 45.