سيرته الشخصية الحافلة حيرت الكثيرين
ولد المختار عام الهجرة، و قتل و هو ابن السبع و ستين السنة، لأربع عشرة خلت من شهر رمضان في سنة سبع و ستين [1] ... و كانت حياته منذ طفولته حافلة بالجليل من الأعمال حتي غدت أسطورة تحير الكثيرون بشأنها...
و أبوه أبوعبيد بن مسعود بن عمير الثقفي، و قد استشهد في معركة جرت بين المسلمين و الفرس مع ابن له يدعي جبر، و قد خضر المختار مع أبيه وقعة قس الناطف و هو ابن ثلاث عشرة سنة، (و كان يتفلت للقتال، فيمنعه سعد بن مسعود عمه، فنشأ مقداما شجاعا لا يتقي شيئا، و تعاطي معالي الأمور، و كان ذا عقل وافر...) [2] .
(و روي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال: رأيت المختار علي فخذ أميرالمؤمنين عليه السلام و هو يمسح رأسه يقول: يا كيس يا كيس، فسمي كيسان...) [3] .
(و ولي علي عليه السلام عمه علي المدائن عاملا و المختار معه، فلما ولي المغيرة بن شعبة الكوفة من قبل معاوية رحل المختار الي المدينة...) [4] ... اذ أنه ربما سيكون مستهدفا هناك كما حال الموالين لأميرالمؤمنين عليه السلام و السائرين علي خطه...
و يبدو أنه عاد للكوفة لعلاقة القرابة بينه و بين المغيرة الذي الشتهر بمناوراته الشيطانية و تحيزه لمعاوية و حرصه علي نيل المزيد من المكاسب غير المشروعة و لو علي حساب المسلمين و مصلحتهم، و قد تحدثنا عن شخصيته في هذه الدراسة، و هي شخصية مدمرة و خطرة قلما شهد تاريخ المسلمين لها مثيلا. و قد رأينا أنه أول من وضع فكرة مبايعة يزيد خليفة للمسلمين بعد معاوية و أول من دعا لمبايعته في العراق حاسبا بذلك أنه قدم لنفسه خدمة جليلة اذ أقره معاوية علي ولاية العراق. و انه قد (ورط) معاوية بذلك و حسب، و لم يحسب حساب الأذي الذي حصل للمسلمين بسبب حرصه علي ذلك المنصب رغم شيخوخته و عدم بقائه فيه فعلا الا مدة قصيرة مات علي أثرها و ترك عبئا أثقل ظهر الأمة و لا تزال تعاني منها حتي الآن.
و اذ أن المغيرة كان يمتلك ذلك الدهاء الشيطاني الذي جعله يقرن بمعاوية و عمرو بن العاص. و كان ممثل معاوية في الكوفة في الوقت الذي عاد فيه اليها المختار الي الكوفة بعد استتباب الأمور فيها لصالح معاوية، و لأنه يمت بصلة قربي للمختار، فان رواية ظهرت علينا حول اهتمام المختار لرأي من آراء المغيرة بشأن مجتمع الكوفة، و انه قد أضمر العمل بذلك الرأي.
پاورقي
[1] الطبري 496 / 3 و المجلسي 350 / 45.
[2] المجلسي 350 / 45.
[3] المصدر السابق 351.
[4] نفس المصدر 352.