بازگشت

عمل في السر


و يبدو أنهم قد نجحوا في أمرهم الي حد بعيد، اذ لم يلفتوا اليهم أنظار الدولة خلال حكم يزيد، كما أنهم لم يلفتوا اليهم أنظار القتلة من الأشراف و غيرهم، فلو أن هؤلاء انتبهوا اليهم لأفسدوا أمرهم و وشوا بهم و استأصلوهم قبل أن يستعدوا و تتكاثر أعدادهم.

و قد ظهر من بين الثوار خطباء مؤثرون مثل عبيدالله بن عبدالله المري الذي كان يلتقي بعامتهم كل يوم فيلقي فيهم خطبة بليغة يشيد فيها بمحمد و أهل بيته صلي الله عليه و آله و سلم و مكانتهم من المسلمين و يتعرض لما جري علي الحسين في كربلاء. و كان مما يرد في خطبه:

(... فهل خلق ربكم في الأولين و الآخرين أعظم حقا علي هذه الأمة من نبيها؟

و هل ذرية أحد من النبيين و المرسلين أو غيرهم أعظم حقا علي هذه الأمة من ذرية رسولها؟

لا و الله. ما كان و لا يكون.

لله أنتم، ألم تروا و يبلغكم ما اجترم الي ابن بنت نبيكم!

أما رأيتم الي انتهاك القوم حرمته، و استضعافهم وحدته، و ترميهم اياه بالدم، و تجرادموه علي الأرض!

لم يرقبوا فيه ربهم، و لا قرابته من الرسول صلي الله عليه و آله و سلم.


اتخذوه للنبل غرضا، و غادروه للضباع جزرا، فلله عينا من رأي مثله، و لله حسين بن علي، ماذا غادروا به ذا صدق و صبر، و ذا أمانة و نجدة و حزم ابن أول المسلمين اسلاما، و ابن بنت رسول رب العالمين قلت حماته، و كثرت عداته حوله، فقتله عدوه، و خذله وليه، فويل للقاتل، و ملامة للخاذل ان الله يجعل لقاتله حجة، و لا لخاذله معذرة الا أن يناصح لله في التوبة، فيجاهد القاتلين، و ينابذ القاسطين فعسي الله عند ذلك أن يقبل التوبة، و يقبل العثرة.

انا ندعوكم الي كتاب الله، و سنة نبيه، و الطلب بدماء أهل بيته، و الي جهاد المحلين و المارقين، فان قتلنا فما عندالله خير للأبرار، و ان ظهرنا رددنا هذا الأمر الي أهل بيت نبينا) [1] .

(.. و لم يزل أصحاب سليمان بن صرد يدعون شيعتهم و غيرهم من أهل مصرهم، حتي كثر تبعهم، و كان الناس الي أتباعهم بعد هلاك يزيد بن معاوية أسرع منهم قبل ذلك) [2] .

(و عظم الشيعة مع سليمان بن صرد) [3] .

و قد حاول بعض أهل الكوفة مثل يزيد بن الحارث، تحريض عبدالله بن يزيد الأنصاري عامل ابن الزبير علي الكوفة، علي سليمان بن صرد و أنصاره بحجة أنهم سيخرجون عليه و دعوه الي مقاومته و قتاله قبل أن يستفحل أمره و تشتد شوكته، و أخبروه أن سليمان و أصحابه يطلبون بدم الحسين عليه السلام.

الا أن عبدالله بن يزيد لم يستجب لتلك الدعوة، و يبدو أنه كان يتمتع بقدر من الفطنة و الحذر و التعقل و لم يكن يميل لاثارة الناس ضده، و قد رأي أن يستثمر مشاعر الغضب لدي الناس لكي يتوجهوا لمقاتلة المجرم الرئيسي، عبيدالله بن زياد. و بذلك يكون هو و ابن الزبير الرابحان الوحيدان اذا ما خسر أحد طرفي النزاع، أو كلاهما الحرب، فابن زياد و ابن صرد كانا عدوين للدولة الزبير الناشئة. و قد ألقي خطبة حرض فيها الناس علي مقاتلة ابن زياد، الا أن أحد أصحابه.. ابراهيم بن محمد بن طلحة (و هو أمير الخراج) لم يرقه كلام العامل و قد أرعد و أبرق و هدد بكلمات مثل تلك التي كان يستعملها زياد و ابنه في خطبهما مثل أخذ الوالد بولده


و المولود بوالده، و الحميم بالحميم و العريف بما في عرافته، و قد هدده برفع كلامه الي ابن الزبير، الا أن هذا أقنعه بأنه كان يريد ألا تختلف الكلمة، و لا تتفرق الألفة.

(ثم ان أصحاب سليمان بن صرد خرجوا ينشرون السلاح ظاهرين، و يتجهزون يجاهرون بجازهم و ما يصلحهم) [4] .


پاورقي

[1] الطبري 395 - 394 / 3.

[2] الطبري 395 - 394 / 3.

[3] الطبري 395 - 394 / 3.

[4] المصدر السابق 397 / 3.