بازگشت

وثيقة تسجل أهداف الثوار


كتب سليمان الي سعد بن حذيفة بن اليمان بالمدائن هذه الرسالة التي تعد وثيقة مهمة ستجل أهداف الثائرين جاء فيها: (... ان أولياء من أخوانكم، و شيعة آل نبيكم


نظروا لأنفسهم فيما ابتلوا به من أمر ابن بنت نبيهم الذي دعي فأجاب، و دعا فلم يجب، و أراد الرجعة فحبس، و سأل الأمان فمنع، و ترك الناس فلم يتركوه، و عدوا عليه فقتلوه، ثم سلبوه و جردوه ظلما و عدوانا و غرة بالله و جهلا، و بعين الله ما يعلمون، و الله ما يرجعون (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). [1] . فلما نظر أخوانكم و تدبروا عواقب ما استقبلوا رأوا أن قد خطئوا بخذلان الزكي الطيب و اسلامه و ترك مواساته و النصر له، خطأ كبير ليس لهم منه مخرج و لا توبة، دون قتل قاتليه أو قتلهم حتي تفني علي ذلك أرواحهم.

فقد جد أخوانكم فجدوا، و أعدوا و استعدوا، و قد ضربنا لأخواننا أجلا يوافوننا اليه، و مواطنا يلقوننا فيه، فأما الأجل فغرة ربيع الآخر سنة خمس و ستين، و أما الموطن الذي يلقوننا فيه فالنخيلة. أنتم الذي لا تزالون لنا شيعة و أخوانا، و الا و قد رأينا أن ندعوكم الي هذا الأمر الذي أراد الله به أخوانكم فيما يزعمون، و يظهرون لنا أنهم يتوبون، و أنكم جدراء بتطلاب الفضل، و التماس الأجر و التوبة الي ربكم من الذنب، لو كان في ذلك حز الرقاب، و قتل الأولاد و استيفاء الأموال، و هلاك العشائر.

ما ضر أهل عذراء الذين قتلوا الا يكونوا اليوم أحياء عند ربهم يرزقون، شهداء لقوا الله صابرين محتسبين، فأثابهم ثواب الصابرين - يعني حجرا و أصحابه - و ما ضر أخوانكم المقتلين صبرا، المصلبين ظلما و الممثل بهم، المعتدي عليهم ألا يكونوا أحياء مبتلين بخطاياكم، قد خير لهم فلقوا ربهم، و وفاهم الله، ان شاء الله أجرهم، فاصبروا رحمكم الله علي البأساء و الضراء و حين البأس، و توبوا الي الله عن قريب، فوالله انكم لا حرياء الا يكون أحد من أخوانكم صبر علي شي ء من البلاء ارادة توابة الا صبرتم التماس الأجر فيه علي مثله، و لا يطلب رضاء الله طالب بشي ء من الأشياء و لو أنه القتل الا طلبتم رضا الله به. ان التقوي أفضل الزاد في الدنيا و ما سوي ذلك يبور و يفني، فلتعزف عنها أنفسكم، و لتكن رغبتكم في دار عافيتكم، و جهاد عدو الله و عدوكم، و عدو أهل بيت نبيكم حتي تقدموا علي الله تائبين راغبين. أحيانا الله و اياكم حياة طيبة، و أجارنا و اياكم من النار، و جعل منايانا قتلا في سبيله عمل يدي أبغض خلقه اليه و أشدهم عداوة له، انه القدير علي ما يشاء) [2] .


و قد لقيت رسالة سليمان بن صرد صدا طيبا لدي سعد بن حذيفة و أهل المدائن، التي كانت مقرا لمجموعات كبيرة من الموالين لأهل البيت عليهم السلام و قد جعلوها وطفا لهم و سكنا. و قد أعرب هؤلاء عن استعدادهم لأجابة أهل الكوفة و القتال معهم حالا الا أن سعد طلب منهم التريث ريثما يستعدوا في الموعد الذي ضر به لهم سليمان.... و قد رد سعد علي رسالة سليمان برسالة أو ضح له فيها أنهم جادون مجدون، معدون مسرجون ملجمون ينتظرون الأمر و يستمعون الداعي، فاذا جاء الصريخ اقبلوا و لم يعرجوا - علي حد تعبيره.

و كتب سليمان نسخا مماثلة من كتابه الي شخصيات عديدة من التي كان يحتمل أن تستجيب لدعوته و منهم المثني بن مخربة العبدي فابدوا استعدادهم للقيام معه و موافاته بالأجل الذي ضرب و المكان الذي ذكر.

و هكذا (كان أول ما ابتدعوا به من أمرهم سنة احدي و ستين، و هي السنة التي قتل فيها الحسين رضي الله عنه، فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب و الاستعداد للقتال، و دعاء الناس في السر من الشيعة و غيرها الي الطلب بدم الحسين، فكان يجيبهم القوم بعد القوم، و النفر بعد النفر.

فلم يزالوا كذلك، حتي مات يزيد بن معاوية لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول سنة أربع و ستين...) [3] .


پاورقي

[1] الشعراء 227.

[2] الطبري 393 - 392 / 3.

[3] الطبري 394 / 3 و ابن‏الأثير 488 / 3.