بازگشت

الشيعة هم أهل السنة: التشيع أطروحة لحماية مستقبل الدعوة بعد النبي


اننا اذا ما صورنا، ثورة الكوفة - فيما بعد - و كأنها ثورة (شيعية) تختص بمذهب معين من مذاهب المسلمين - التي لم تكن قد وجدت بعد، رفعنا مسؤولية المشاركة فيها عن غير الشيعة، بل و ربما وجدنا لهم عذرا من عدم المشاركة فيها أو المشاركة بقمعها مادام الأمر أمر فوق اسلامية تختلف فيما بينها بالآراء و المواقف و وجهات النظر... و ذلك تجن واضح علي الحقائق لأن المذاهب الاسلامية المعروفة اليوم لم تظهر الا في وقت متأخر في العصر العباسي... فالسنية الامامية لم يشكلوا مذهبا خاصا بهم دون عموم المسلمين، و انتماؤهم الي جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فيما بعد عند تبلور المذهب الجعفري و ازدهار و رواج علوم أهل البيت عليهم السلام بمواجهة المذاهب و التيارات المختلفة، يعني انتماءهم الي علي بن أبي طالب عليه السلام و الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه... ف (التشيع لم يكن في يوم من الأيام منذ ولادته مجرد اتجاه روحي بحت، و انما ولد التشيع في أحضان الاسلام بوصفه أطروحة مواصلة الامام علي بعد النبي صلي الله عليه و آله و سلم قيادته الفكرية و قيادته الاجتماعية للدعوة علي السواء..

فالتشيع اذا لا يمكن أن يتجزأ الا اذا فقد معناه كأطروحة لحماية مستقبل الدعوة بعد النبي صلي الله عليه و آله و سلم و هو مستقبل بحاجة الي المرجعية الكفرية و الزعامة الاجتماعية للتجربة الاسلامية معا) [1] .

لقد سعت الدولة الأموية و شيعتها للنيل من أميرالمؤمنين عليه السلام و من آل البيت عليهم السلام، لأنهم القوة المؤهلة الوحيدة القادرة علي التصدي لانحرافها و كل انحراف قد يحصل في المستقبل و حماية التجربة الاسلامية، فحاولوا الصاق مختلف التهم بهم و بأنصارهم و شيعتهم، فكانت السبأية هي التهمة الأولي التي ألصقوها


بالشيعة، يريدون ذلك أن يوهموا الناس أن توجههم منذ البداية لم يكن توجها اسلاميا خالصا، و انه توجه مستحدث و طاري ء و غريب.

و من العجيب أنهم ذكروا أن ابن السوداء أو عبدالله بن سبأ كانت له اليد طولي في قتل عثمان و تحريض الناس عليه و تشكيل جماعة الشعية، و لم يذكروا ابن السوداء بعد ذلك علي الاطلاق، و كأنه قد اختفي أو ابتلعته الأرض... (.. و أقل ما يدل عليه اعراض المؤرخين عن السبئية و ابن السوداء في حرب صفين، ان أمر السبئية و صاحبهم ابن السوداء انما كان متكلفا منحولا، قد اخترع بأخرة حين كان الجدال بين الشيعة و غيرهم من الفرق الاسلامية. أراد خصوم الشيعة أن يدخلوا في أصول هذا المذهب عنصرا يهوديا امعانا في الكيد لهم و النيل منهم. و لو قد كان أمر ابن السوداء مستندا الي أساس من الحق و التاريخ الصحيح لكان من الطبيعي أن يظهر أثره وكيده في هذه الحرب المعقدة المعضلة التي كانت بصفين، و لكان من الطبيعي أن يظهر أثره حين اختلف أصحاب علي في أمر الحكومة، و لكان من الطبيعي بنوع خاص أن يظهر أثره في تكوين هذا الحرب الجديد الذي كان يكره الصلح و ينفر منه و يكفر من مال اليه أو شارك فيه.

... ان ابن السوداء لم يكن الا وهما، و ان وجد بالفعل فلم يكن ذا خطر كالذي صوره المؤرخون و صوروا نشاطه أيام عثمان و في العام الأول من خلافة علي. و انما هو شخص ادخره خصوم الشعية للشيعة وحدهم و لم يدخروه للخوراج) [2] .

و قد أصبح من الواضح أن الشيعة المذكورين في هذه الدارسة، يقصد بهم الشريحة المذكورين في هذه الدارسة، يقصد بهم الشريحة الواعية من أبناء الكوفة التي تطلعت للسير علي خط أميرالمؤمنين عليه السلام الذي يعلمون حقا أنه الخط الوحيد الموصل الي خط رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و المتصل به.. و أخيرا لا يمكن لأحد أن يدعي أن يزيد و أشباهه و شيعته هم ممثلو خط الرسل حقا، و انهم شيعته و أنصاره.


پاورقي

[1] المصدر السابق ص 49.

[2] الفتنة الکبري 91 - 90 / 2.