بازگشت

بين أكاذيب و ثقافة السب


و لو درسنا دوافع أصحاب الحسين و أنصاره و شيعته الذين قاتلوا معه و استشهدوا بين يديه و أدوا دورهم ببسالة منقطعة النظير، و هم المعنيون أكثر من غيرهم بهذه الدراسة، و منهم من لم يكن قبل ذلك يتبني مواقف أميرالمؤمنين بل لعله كان يقف علي النقيض منها و يعاديها الي أن استبان له الحق و أدركته بصيرة الاسلام الصافية، لرأينا أنهم ساروا خلفه ديني نهاية المطاف انتصارا لله و لرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و لم يكونوا يتبنون موقفا فكريا و عقائديا مغايرا لما كان يتبناه عموم أبناء الأمة... و لم يؤاخذوا علي شي ء من ذلك القبيل خلال حواراتهم و نقاشهم مع أفراد من جيش ابن زياد... و كان التحيز لصف الحسين يعني لديهم التحيز الي صف الاسلام.

و طبيعي أن الدولة الأموية التي أمسكت بزمام الأمور حاولت أن تصور موقفه و ثورته و تعرضهما عرضا مشوها و كأنه خروج عن ولي الأمر الحقيقي الجدير بالطاعة و الاحترام...و عرضت قضية المنتصرين للحسين و قضيته و المستشهدين بين يديه و السائرين علي خطه و الموالين له، كقضية ذات مدلولات لا علاقة لها بالاسلام، تماما كما شوهوا قضية أميرالمؤمنين عليه السلام نفسه و جعلوا جماهير المسلمين في الشام يتبنون - بقناعة مطلقة - مواقف الدولة المعادي له و يذهبون الي حد اعتبار سبه سند لابد منه، و ان تركها جريمة لا تغتفر، كما أسلفنا في فصول هذا الكتاب.

ان الذي يقدم علي ترسيخ ثقافة السب بين جماهير المسلمين و يحثهم عليه ضد أقدس شخصية اسلامية بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لا يتورع عن اللجوء الي أشد الأساليب تضليلا للتقليل من شأن أعدائه... و هم بلا شك السائرون علي خط أميرالمؤمنين، و من أدركوا أنه الخط الحقيقي الذي يقودهم الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه.