بازگشت

ذبح الكبش فهدأت مكة


هدأت مكة بعد أن ذبح (الكبش)، و استسلمت ثانية لحكم الأمويين، و لم يعد أحد يفكر بابن الزبير، لأنه لم يحمل قضية السملمين و لم يسع لمقاومة الانحراف الا بانحراف مماثل.. و كانت شعارات أصحابه في بعض مراحل القتال في مكة أو الكوفة (يا لثارات عثمان) تؤكد نزعته الأموية العثمانية مقابل النزعة الأموية (المعاوية) أو المروانية و كلها تعود لمصب واحد اتخذ اتجاهه المنحرف أيام عثمان.. و هو اتجاه أحنق المسلمين و جعلهم يقدمون علي معاوية الخليفة و قتله.

لم يكن ابن الزبير يريد سوي أن يكون واجهة جديدة تحل محل الواجهات القديمة، أما المحتوي فيبدو أنه لم يكن يسعي لتغييره أو استبداله بمحتوي جديد، و اذ أنه سعي لنفسه و لمصلحته فقط فان قضيته انهت بموته دون أن يحزن عليه أحد و دون أن يؤثر في مجال الحياة الاسلامية و الفكر الاسلامي، و دون أن يكون رائد مدرسة في علوم الاسلام... و كل ما يؤثر عنه - و لعله يولد في نفسه أشد السرور اذ يري الناس يراقبونه - هو اشتهاره بطول الصلاة و المظاهر الشكلية للعبادة...

و قد تمادي الحكم الأموي في استهتاره عقيب التغلب عليه، حتي ان الحجاج ختم علي أيدي و أعناق بعض الصحابة احتقارا لهم لأنهم كانوا مقربين من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

ربما استغل ابن زبير غضبة الأمة المسلمة لمقتل الحسين عليه السلام، و تزعم من يريد الدفاع عن الكعبة لأنها بيت الله المقدس، الا أن نواياه الحقيقية كطالب للخلافة و الملك بدت واضحة بعد ذلك...

و قد طال النزاع بعد ذلك بين الأمة و بين الأمويين و كانت لها جولات عديدة معهم سقطت في نهايتها لتبدأ جولات جديدة من أنماط عديدة من الحكام، من النماذج المعادة المكررة تتخذ اسم (أميرالمؤمنين) تارة و (خليفة الله) تارة أخري و (ولي أمر المسلمين) تارة ثالثة.. و تتكرر الأسماء و الواجهات و يظل الانحراف هو الأساس في خضم عملية التزوير المستمرة للاسلام و أحكامه.