بازگشت

بين حصار و حصار... كادت الأمور أن تستتب له


و قد وقعت أحداث عديدة بين حصار مكة الأول سنة أربع و ستين و حصارها الثاني الذي انتهي عام ثلاث و سبعين و قتل فيه ابن الزبير، و قد كادت الأمور تستتب لصالحه و كان مؤيدوه حتي في الشام نفسها أكثر عددا و عددا و قد دانت له الحجاز و العراق و قسم من بلاد الشام و جل أهل دمشق من أهل اليمن و غيرهم... و قد كان الضحاك بن قيس في دمشق و النعمان بن بشير و هو علي حمص و زفر بن الحارث و هو علي قنسرين و ناثل بن قيس و هو علي فلسطين، الي جانبه. و لو أن حصير بن نمير انحاز اليهم - و كان قد دعا ابن الزبير للقدوم معه لمبايعته - ثم رأي بعد ذلك أن تكون الخلافة لمروان ابن الحكم، لكان ميزان القوي الأموي قد مال لجانبه، فقد تدهورت أوضاع بني أمية و ارتكبوا و وقعوا في اشكال شديد حتي ان مروان نفسه لم يفكر بالأمر نفسه و قرر مبايعة ابن الزبير لو لا أن ثناه عن ذلك عبيد الله بن زياد و قد قدم من البصرة.

كانت (جرأة) أهل الشام علي دماء الناس مقرونة بجرأة (الخليفة الحاكم) و ارادته، و كانت جرأتهم علي دماء أهل الحجاز خاصة و اسبتاحتهم المدينة و ضربهم البيت المقدس دون وجل أو تردد و انشادهم الرجز بلا مبالاة و كأنهم يقومون بضرب معبد و ثني يدل علي عدم وجود أية روابط روحية قائمة علي أساس الاسلام بينهم و بين بقية المسلمين، و ان ولاءهم كان لشخص الخليفة الأموي وحده، و قد كانوا نتاج تربيته و اعداده دون شك، كما رأينا عند دراسة (معاوية).

لم يكونوا يحملون قضية يدافعون عنها، بل كانوا يحملون و لاء أعمي لولي نعمتهم و آلههم و مصدر (رزقهم و كسبهم و حياتهم)، و قد قاتلوا تحت شعور الخوف من زوال كل ذلك، اذا ما ترددوا في طاعته أو طاعة ولاته و قواده... و هو ما كان معلوما لديه ولدي أعوانه مثل ابن عقبة الذي هددهم تهديداته المشهورة في واقعة الحرة، و الذي لوح لهم بالعطاء و زيادة الأرزاق قبل استفارهم لتلك الواقعة الهمجية.