بازگشت

بخيل حسود


و قد انزعج مصعب من بخل أخيه عبدالله فكتب اليه: (... من سألك شيئا فاكتب الي به، فان أعطيته كان حمده لك، و ان منعته كان ذمه علي.

فلم يكتب لأحد اليه الا أعطاه، فأمسك عن الكتابة لأحد اليه) [1] .

و قد رويت قصص عن حسده، و خصوصا لابن الحنفية الذي تفوق عليه بقوته البدنية...

و رويت قصص عن سوء خلقه و خصوصا مع أهل العراق بعيد قتل المختار، و قد حسب أن الأمور قد استتبت لصالحه نهائيا و أصبح بامكانه القضاء علي خصومه في الشام... (قتل مصعب من أصحاب المختار ثلاثة آلاف، ثم حج في سنة احدي و سبعين فقدم علي أخيه عبدالله بن الزبير و معه وجوه أهل العراق. فقال: يا قد جئتك بوجوه أهل العراق، و لم أدع لهم نظيرا، فأعطهم من المال، قال: جئتني بعبيد أهل العراق لأعطيهم من مال الله، وددت أن لي بكل عشرة منهم رجلا من أهل الشام صرف الدينار بالدرهم.

فلما انصرف مصعب و معه الوفد من أهل العراق، و قد حرمهم عبدالله بن الزبير ما عنده فسدت قلوبهم، فراسلوا عبدالملك بن مروان حتي خرج الي مصعب فقتله) [2] .

و لا شك أن ابن الزبير لم يكن يتمتع بكياسة و حسن تصرف في المواقف الحاسمة، و اذ أن بخله غلبه، فلم ير لأحد من وجوه أهل العراق حقا من أعطياته،


فانه أراد تلافي ذلك بتوجيه الذم اليهم و تحميلهم مسؤولية ما حدث من مشاكل، و لعله دغدغ بذلك مشاعر أهل الشام.

و اذ لم ير أهل العراق الا وجها أمويا ادعي كره آل أمية، و اذ أنه وعد بالسير علي خط عثمان و تبني الدفاع عنه، فانهم رأوا أن الأمر سيان أن يحكمهم ابن الزبير أو ابن مروان، و ليكن الذي يدفع لهم و يعاملهم بأكثر قدر من الاحترام هو الجدير بمبايعتهم و ولائهم الذي أصبح سلعة في سوق الحكم و المصالح بعد غياب القيادة الحقيقية عن الساحة.


پاورقي

[1] البلاذري / أنساب الأشراف 196 / 5.

[2] العقد الفريد 154 / 5.