بازگشت

تحذيرات الرسول


من ابن الزبير: «ويل للناس منك و ويل لك من الناس...» غير أن المؤرخين و كتاب السيرة أسهبوا في الحديث عن شخصية ابن الزبير و حياته... فقد ذكر هو نفسه أن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم قد حذر منه كما حذره هو نفسه.

(أخرج أبويعلي في مسنده عن ابن الزبير أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم احتجم، فلما فرغ قال له: يا عبدالله، اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد، فلما ذهب شربه، فلما رجع قال: ما صنعت بالدم؟ قال: عمدت الي أخفي موضع فجعلته فيه، قال: لعلك شربته؟ قال: نعم. قال: ويل الناس منك و ويل لك من الناس. فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم) [1] .

و مهما يكن من أمر هذه الرواية التي كان مصدرها و راويتها الأول هو ابن الزبير نفسه، فانها تشير الي أمور عديدة... منها أنه أراد أن يبين للناس أنه قوي قوة استثنائية لا يبلغها أحد من الناس [2] ، و أن لا أحد يستطيع أن ينال منه لأن قوته مستمدة


عن رسول الله، و قد جرت دماؤه في عروقه! و لا ندري لم لا تكون كذلك في أجسام كل الذين جرت دماء النبي في عروقهم، لا الدماء التي نبذها جسمه و رماها بعد الحجامة.

و تعيد قصته الي الأذهان قصة معاوية التي احتفظ بقلامات من أظفار رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و شعره، و قد أمر بسحقها و وضعها في عينيه و فمه لتنجيه من الهلاك و من النار بزعمه، ناسيا أنه انتهك حرمة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و حاربه و كان من أشد أعداء الذين ينتمون اليه انتماء صحيحا و هم من لحمه و دمه، فلا ندري كيف يعتقد من يقدم علي قتال آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و سفك دمائهم، أن أظفاره و ما فضل من شعره ستنجيه من الهلاك.

و اذا ما كان ابن الزبير قد ولد بعد عشرين شهرا من الهجرة [3] ، فلابد أنه كان طفلا صغيرا حتي وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم نفسه، و لا يعلم أحد كيف توصل الي ادراك ما سينجم عنه شربه لدم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الذي أمره أن يهرقه

ثم ألا يدل عصيانه لأوامر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو لا يزال صبيا صغيرا علي استعداد لعصيانه في كل ما أمر به و نهي عنه....؟


پاورقي

[1] السيوطي / تاريخ الخفاء / 198.

[2] مع أن المؤرخين رووا أن محمد بن الحنفية کان يتمتع بقوة بدنية تتفوق علي قوته کثيرا مما أثار حسده و غيظه عليه.

[3] المصدر السابق 197.