بازگشت

كلمة حق أريد بها باطل


كانت كلمة حزينة جديرة بمحب للحسين غيور علي قضيته.. و لا شك أنه أراد استمالة المسلمين باظهار حزنه الشديد عليه و تبيان صفاته العظيمة و المهمة الكبيرة التي تصدي لها و قدم دمه لأجلها، و لعله كان يبدو في تلك اللحظات كما لو كان يريد السير علي نفس خطه، و انه لم يرد الا ما أراده و سعي اليه.

و قد (ثار اليه أصحابه فقالوا له: أيها الرجل أظهر بيعتك، فانه لم يبق أحد اذ هلك حسين ينازعك هذا الأمر، و قد كان يبايع الناس سرا، و يظهر أنه عائذ بالبيت،


فقال لهم: لا تعجلوا، و عمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مكة، و قد كان أشد شي ء عليه و علي أصحابه، و كان مع شدته عليهم يواري و يرفق.

و علا أمر ابن الزبير بمكة، و كاتبه أهل المدينة، و قال الناس: أما اذ هلك الحسين عليهم السلام، فليس أحد ينازع ابن الزبير) [1] .

و كان موقف عمرو بن سعد من ابن الزبير قد أزعج يزيد فاستبدله بالوليد بن عبتة، و عندما عاتبه علي موقفه من ابن الزبير أجابه عمرو: (... ان جل أهل مكة و أهل المدينة قد كانوا مالوا اليه و هووه و أعطوه الرضا، و دعا بعضهم بعضا سرا و علانية، و لم يكن معي جند أقوي بهم عليه لو ناهضته، و قد كان يحذرني و يتحرز مني، و كنت أرفق به و أداريه لأستمكر منه فأثب عليه، مع أني قد ضيقت عليه، و منعته من أشياء كثيرة لو تركته و اياها ما كانت له الا معونة، و جعلت علي مكة و طرقها و شعابها رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حتي يكتبوا الي باسمه و اسم أبيه، و من أي بلاد هو، و ما جاء به و ما يريد، فان كان من أصحابه أو ممن أري أنه يريده رددته صاغرا، و ان كان ممن لا أتهم، خليت سبيله..) [2] .

و قد علم ابن الزبير أن يزيد قد عزل عمرو بن سعيد بن الحجاز بسببه، و قد أصبح أكثر حذرا من خليفته الوليد بن عتبة، فعندما (ولي الوليد الحجاز) أقام يريد غرة ابن الزبير فلا يجده الا متحرزا ممتنعا.


پاورقي

[1] الطبري 347 - 346 / 3 و ابن‏الأثير 447- 446.

[2] الطبري 349 / 3.