بازگشت

ماذا لو بقي الحسين في مكة


و بقاء الحسين عليه السلام في مكة سيتيح ليزيد الاعتداء لا عليه وحده شخصيا و انما علي حرمة البيت المقدس أيضا، و هكذا خرج علي رؤوس الأشهاد من أهل مكة و زوارها و حجيجها، حاملا قضية الأمة كلها لا فتا نظرها الي خروجه المتحدي، مصرحا أمامهم أنه سائر للموت و الشهادة و أنه آثر ذلك علي أن لا يظل بمكة - التي لا تزال حرما آمنا - فتستباح حرمتها تقبله، أما ابن الزبير فكان يري فيها درعا قد يحميه يعض الوقت و يمنع عنه أعداءه.

و اذا ما كان ابن الزبير قد سر بخروج الامام من مكة، فان أعدادا غفيرة من أهل مكة و حجيجها قد افتقدوه و حزنوا لذهابه، و ان لم يجدوا في أنفسهم القوة اللازمة لمتابعته و مرافقته الي ساحة النزال المقبلة في العراق، و الموت معه هناك، و لم يذهب معه الأمن امتلك قناعة أكيدة بضرورة مواجهة دولة الظلم، فليس من الهين علي كل شخص أن يمضي الي حد الموت بنفس الجرأة التي مضي اليها الامام الحسين عليه السلام و أصحابه ما لم يكن متيقنا أن المهمة التي يمضي اليها هي أثمن من حياته... و هذا ما رآه الحسين و أصحابه فعلا حينما حثوا الخطي نحو العراق.

ما الذي كان يمنع ان الزبير، لو كان - كما حاول أن يبين للامام - يتبني نفس قضيته، و هي ازالة الانحراف و ايقافه و منع الأمة من الاستسلام و الهزيمة، من المضي معه، و هو يعرف صدق نواياه و توجهاته، و لو أنه فعل ذلك لكان قد سجل موقفا كبيرا لن تنساه له الأمة، و لعلمت أنه دافعه كان حقا القضاء علي الانحراف، علي أننا قلنا ان الدوافع لم تكن واحدة، غير أننا لابد أن نذكر في هذا البحث أن ابن الزبير كان له حضور كبير في أحداث، مكة، و أنه كان بغياب الحسين عليه السلام، الشخصية الرئيسية التي أثرت في تلك الأحداث فيما بعد... و اذ لم يستطع الاقدام علي الذهاب مع الحسين عليه السلام لاختلاف قضيتهما و دوافهما، فانه استطاع أن يكتسب رصيدا لدي البعض باعتباره أحد المعارضين الصامدين بوجه السلطة، و قد أتاح له استشهاد الحسين و أصحابه فرصة ذهبية للتنديد بيزيد و أركان حكمه، و دعوة الأمة للالتفاف حوله، و كانت الفائدة ذات أثر مزدوج لابن الزبير عندما قتل الامام الحسين، فقد خلا


له الجو أولا من الامام و ذهب من لا يستطيع منافسته أو الصمود بوجهه، و استغل قضية الستشهادة ليعرضها علي الأمة كدليل علي وحشية النظام و استبداده و استهتاره بالقيم و المثل الاسلامية الخيرة.