بازگشت

الامام زين العابدين حياة حافلة بالعطاء


و نظرة سريعة الي حياة الامام زين العابدين عليه السلام ترينا أنها كانت مزيجا من ذلك كله و من فعاليات أخري حافلة بالعطاء و العمل اليومي الدؤوب الذي ترك طابعه و آثاره فيما بعد و جعل المسلمين ينظرون اليه بتقدير و احترام جديرين به رغم أنه لم يتزعم قيادة التجربة الاسلامية، و كان هاجس دولة الظلم في عهد يزيد و فيما بعد اقصاءه عن الحكم و العمل علي جعله بعيدا عن الوصول الي سدته و تحجيم دوره ليقتصر علي الممارسات الشخصية التي اعتقدت أنها لن تضرها و لن تنال منها.

و كان شأنه شأن الأئمة الآخرين من آل البيت عليهم السلام الذين كانوا (بالرغم من التآمر علي اقصائهم عن مجال الحكم، يتحملون باستمرار مسؤوليتهم في الحفاظ علي الرسالة و علي التجربة الاسلامية و تحصينها ضد التردي الي هاوية الانحراف و الانسلاخ من مبادئها و قيمها انسلاخا تاما، فكلما كان الانحراف يطغي و يشتد و ينذر بحظر التردي الي الهاوية، كان الأئمة يتخذون التدابير اللازمة ضد ذلك.

و تمثل الدور الايجابي للأئمة أيضا في تلك المعارضة القوية العميقة التي كان الأئمة يواجهون بها الزعامات المنحرفة، بارادة صلبة لا تلين و قوة نفسية صامدة لا تتزعزع، فان هذه المعارضة بالرغم من أنها اتخذت مظهر السلبية و المقاطعة في أكثر الأحايين بدلا من مظهر الاصطدام الايجابي و المقابلة المسلحة، غير أن تلك المعارضة حتي بصيغتها السلبية كانت عملا ايجابيا عظيما في حماية الاسلام و الحفاظ


علي مثله و قيمه. لأن انحراف الزعامات القائمة كان يعكس الوجه المشوه للرسالة، فكان لابد للقادة من أهل البيت أن يعكسوا الوجه النقي المشرق لها و أن يؤكدوا عمليا و باستمرار المفارقات بين الرسالة و الحكم الواقع. و هكذا خرج الاسلام علي مستوي النظرية سليما من الانحراف و ان تشوهت معالم التطبيق.

و تمثل الدور الايجابي للأئمة في تموين الأمة العقائدية بشخصيتها الرسالية و الفكرية من ناحية، و مقاومة التيارات الفكرية التي تشكل خطرا علي الرسالة وضربها في بدايات تكونها من ناحية أخري...) [1] .

ان تأكيد الامام زين العابدين في عمله اليومي و الاستراتيجي علي تحصين طليعة واعية من الأمة بالعلوم و الدعاء و البناء العقائدي و مقاطعة الزعامات المنحرفة جعل بعض الباحثين يعتقدون.


پاورقي

[1] أهل البيت / 15 - 11.